كشفت دراسة للباحثة نجاة عصام زكي، المعيدة بكلية الآداب جامعة عين شمس، أن الوصفات المكتوبة على ورق البردي منذ حوالي 1700سنة قبل الميلاد، أكدت الأوبئة التي مازالت تهدد العالم إلى اليوم كوباء فيروس كورونا المستجد كانت متواجدة منذ ذلك الزمن.
وتشير الباحثة نجاة عصام زكي، أن ورق البردي كشف عن أمراض مثل الطاعون والسل والملاريا وتوغله في مصر القديمة حيث عثر على ورق بردي كتب عليه ( الموت والدم ينتشر في كل مكان ) وقد استمر وباء الطاعون في مصر القديمة لمدة40 سنة، وجاء مع الحثيين عن طريق الأسرى وأصيبت به زوجة الملك رمسيس الثاني ابنه ملك الحثيين وكانت تذهب للمعابد للاستشفاء منه.
ويلقى خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بمناطق آثار جنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار، الضوء على هذه الدراسة موضحاً أن أخطر الأوبئة التي ضربت مصر القديمة وباء الملاريا الذي ضرب تل العمارنة وقضى على 70% من سكانها كما عثر علماء المصريات على موتى دفنوا في المنطقة الشمالية من مقابر تل العمارنة، حيث تم تكديس العديد من الجثث فوق بعضها البعض وهو أمر غير معتاد في طريقة الدفن في ذلك الوقت وتدل طريقة الدفن الجماعية إلى وجود أوبئة وأمراض خطيرة مات بسببها كثير من الناس في فترة زمنية قصيرة في مصر القديمة.
ويضيف الدكتور ريحان، أن قدماء المصريين كانوا يقومون بتطهير كل شيء حينما انتشر مرض الطاعون ويلفون الطين النظيف بقطعة قماش من الكتان الناعم، ويمسحون به كل الأشياء حتى يتم التخلص من الأوبئة حيث تمنع الشياطين من المرور وفق معتقداتهم، وقد اعتقد المصريين القدماء أنْ المرض والوباء غضب من الآلهة، وزعموا أن الأرواح الشريرة سبب انتشار الأوبئة والأمراض تجسيداً لغضب هذه الآلهة وقد شهد المؤرخ اليوناني هيرودوت أن المصريين “أكثر الشعوب نظافة” عندما جاء إلى مصر في القرن الخامس قبل الميلاد.
ويتابع الدكتور ريحان من خلال الدراسة، أن المصري القديم استخدم طرق للوقاية من الأمراض وأهمها المياه مما جعل نهر النيل شيئاً مقدساً في العقيدة المصرية وأطلق عليه اسم ” حعبي”، بتخصيص 3 مرات للنظافة والاستحمام للطبقة العامة، و5 مرات للكهنة باستخدام ملح النطرون والزيوت المستخرجة من النباتات، إضافة لعادة حلق شعر الرأس والجسم للعامة مرة واحدة في الأسبوع وكل يومين للكهنة، ما يفسر وجود البحيرات بالمعابد وخوفاً من انتشار الأمراض فقد زودت المنازل بالحمامات والمراحيض اعتباراً من عصر الأسرة الثانية وكانت غالباً بجوار غرف النوم، وقد اتبع المصريين القدماء أيضاً عادة غسل الأيدي بالماء والصابون قبل وبعد تناول الطعام وقد أضيفت زيوت ومطهرات إلى مياه الاغتسال وظهرت كذلك المناشف لتجفيف اليدين.
ويشير، إلى علم المصريون القدماء أن الحشرات الضارة مصدر لنقل الأمراض لذا اهتموا بتعقيم منازلهم بالأعشاب والبخور، وقد استخدمت النباتات والأعشاب في استخراج مواد التعقيم مثل نترات البوتاسيوم وملح النطرون الذي استخدم لتطهير الملابس والقصور ومن أبرز مظاهر النظافة الشخصية شاع استخدام غسول الفم إلى جانب أدوات تقليم الأظافر وعرف أيضاً بعض المواد الرغوية التي استعملت في التنظيف وتدريجياً أصبح السلام برفع اليد لأعلى فقط دون تلامس، التحية السائدة للمعبودات والملوك، بعد أن أدرك المصريين القدماء أن السلام بالأيدي وسيلة لنقل الأمراض.