تضمن تقرير أصدرته مؤسسة دبي للمستقبل بالتعاون مع مجلس دبي لمستقبل العمل الإنساني أن التحديات الصحية التي يشهدها العالم فرضت تسريع تبني التكنولوجيات المتقدمة في مختلف جوانب العمل الإنساني، وساهمت بإحداث نقلة نوعية في طرق تطوير وتوفير خدماته، وأصبحت تقنيّات الطائرات بدون طيار والمركبات ذاتية القيادة والروبوتات ومنصّات التعهد الجماعي والهواتف المحمولة أدوات رئيسية في إيصال المساعدات الإنسانية حول العالم في ظل قيود التباعد الاجتماعي التي فرضتها الجائحة وأدت إلى الحد من الأنشطة التقليديّة.
وجاء إطلاق تقرير “مستقبل العمل الإنساني” ضمن سلسلة التقارير الاستشرافية التي تنشرها المؤسسة لتسليط الضوء على تحديات وفرص القطاعات الحيوية، وذلك بالتزامن مع اليوم العالمي للعمل الإنساني “19 أغسطس من كل عام” الذي خصصته منظمة الأمم المتحدة لتكريم جهود العاملين في مجال الإغاثة والخدمات الصحية التطوعية ومختلف المجالات الإنسانية.
وصرح سعيد محمد العطر الأمين العام المساعد لمبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية رئيس مجلس دبي لمستقبل العمل الإنساني، أن دولة الإمارات تعتبر من الدول الرائدة عالمياً في مجال العمل الإنساني وقد نجحت خلال الأشهر الماضية بتوصل المساعدات الطبية والصحية والغذائية والتعليمية لعشرات ملايين الأشخاص المحتاجين حول العالم عبر مختلف مبادرتها الإنسانية العالمية وبفضل شبكة علاقاتها الإيجابية مع مختلف الدول وحرص قيادتها على دعم الدول الصديقة والشقيقة، وخاصةً في ظل الظروف والتحديات الصعبة التي فرضتها جائحة كورونا المستجد.
وأضاف الأمين ” يعمل مجلس دبي لمستقبل العمل الإنساني بالتعاون مع المتخصصين على دراسة آليات تطوير الخدمات الإنسانية المستقبلية بهدف تسريع توصيل المساعدات الإنسانية للمجتمعات المحتاجة حول العالم عبر توظيف التقنيات المستقبلية والابتكارات الحديثة بما يسهم في تعزيز مكانة دولة الإمارات كنموذج عالمي للعمل الإنساني”.
من جانبه قال خلفان جمعة بلهول الرئيس التنفيذي لمؤسسة دبي للمستقبل ” ستسهم التكنولوجيا الحديثة بدور رئيسي في الارتقاء بقطاع العمل الإنساني وتعزيز فعاليته من خلال الاعتماد بشكل أكبر على تحليل البيانات والمعلومات والتخطيط المسبق والمدروس باستخدام التقنيات الحديثة للتعامل مع كافة الأزمات الإنسانية حول العالم بشكل فوري وفعال”.
ولفت إلى أن التقرير يقدم دليلاً شاملاً لجميع الجهات الحكومية والخاصة المعنية بقطاع العمل الإنساني في دولة الإمارات وخارجها حول أهمية اعتماد حلول تكنولوجية آمنة أكثر كفاءة وفعاليّة من الآليّات التقليديّة لتقديم الخدمات الإنسانية، وضرورة تطوير نماذج جديدة بالاستفادة من التجارب السابقة لتلبية المتغيرات العالمية في قطاعات الخدمات اللوجستية والصحية والتعليمية وغيرها من القطاعات المرتبطة بالعمل الإنساني.
كما استعرض التقرير مجموعة من المشاريع والمبادرات الإماراتية الرائدة في مجال العمل الإنساني، بما في ذلك مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالميّة التي استثمرت بشكل كبير في تطوير منصّة “مدرسة” للتعلّم الإلكتروني لتوفير فرص التعليم المجاني لجميع الأطفال في مختلف أنحاء المنطقة العربية، وتطوير حلول مبتكرة لا تحتاج لاتصال مباشر بشبكة الإنترنت، وأشادت منظمة اليونسكو بدور منصّة “مدرسة” في توفير التعليم الرقمي للأطفال بعد إغلاق المدارس بسبب الجائحة.
فيما انضمّت “دبي العطاء” التي تعتبر جزءاً من مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالميّة، إلى تحالف عالمي أطلقته اليونسكو يضم العديد من المنظمات الدوليّة والجهات الحكومية والخاصة ومؤسسات المجتمع المدني لمساعدة الدول على تطوير حلول “التعلم عن بعد” وتسريع تبني التكنولوجيا والحلول الرقمية في قطاع التعليم.
وأشار التقرير أيضاً إلى الدور الكبير الذي لعبته المدينة الدوليّة للخدمات الإنسانيّة في دبي، في مجال دعم وتسهيل الاستجابات الأولى للأزمات على المستوى العالمي. وتضاعفت جهودها خلال الفترة الماضية لتقديم الدعم للمجتمعات المتضرّرة من جائحة “كوفيد-19” حول العالم بالتعاون مع منظمة الصحّة العالميّة.
وقال التقرير إن التحديات الصحية العالمية التي شهدها العالم فرضت الكثير من التحديات الجديدة المتمثلة في الحاجة لمزيد من المعدات الصحية وأجهزة الفحص الطبية، وتوقف الكثير من الخدمات اللوجستيّة وسلاسل التوريد مما أثر بالتالي على سرعة وفعالية توزيع المساعدات، وعلاوةً على ذلك، فإنّ الأثر الاقتصادي الثانوي للجائحة والتدابير المتّخذة لاحتوائها، مثل زيادة البطالة، وانخفاض التحويلات العالميّة وتفاقم معدلات الفقر، يزيدان من الحاجة إلى المساعدات الإنسانية والطبية.
وأكد التقرير ضرورة التركيز على الاستثمار في بناء القدرات المحليّة في مجالات العمل الإنساني والتنموي لضمان استدامة المجتمعات واستقلالها على المدى الطويل وزيادة الكفاءة في توزيع الموارد المحدودة، والعمل على التدابير الاستباقيّة بدلاً من آليات الاستجابة، أي منع حصول الأزمات بدلاً من إدارة الأزمات، وذلك من خلال تحديد نقاط الضعف وتقليلها وتطوير خطط إدارة المخاطر.
كما ستشهد الفترة المقبلة تأثيراً واضحاً على قدرة الجهات المانحة على تمويل أنشطة المؤسسات الخيرية غير الحكوميّة بسبب الوضع الاقتصادي العالمي الحالي، مما يفرض على الجهات العاملة في القطاع الإنساني تطوير نماذج أعمالها وتنويع مصادر دخلها بدلاً من الاعتماد على المصادر التمويلية المعتادة، إضافة إلى بناء تحالفات جديدة مع المؤسسات والمنظمات الأخرى لتعزيز مستويات الدعم المتبادل في قطاع العمل الإنساني.
يذكر أن مجلس دبي لمستقبل العمل الإنساني يعد أحد 13 مجلسا ضمن “مجالس دبي للمستقبل” التي أطلقها سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي رئيس مجلس أمناء مؤسسة دبي للمستقبل، بهدف تعزيز تبادل المعارف والخبرات لإيجاد حلول فعالة للتحديات، وإطلاق مبادرات واستراتيجيات وطنية لتشكيل الفرص الحالية والمستقبلية، ويشارك فيها نخبة من المستشرفين والشخصيات القيادية في الجهات الحكومية والخاصة في الدولة.
كما يهدف مجلس دبي لمستقبل العمل الإنساني إلى رسم ملامح مستقبل دبي كأحد المدن الرائدة عالميا في قطاع العمل الإنساني، عبر تعزيز مكانتها كمركز عالمي في مجال العمليات والخدمات اللوجستية، وجذب تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والابتكارات الحديثة المعنية بهذا القطاع، إضافة إلى إطلاق مؤشرات تقيس أداء وكفاءة وشفافية العمل الإنساني، وتقديم الدعم اللازمة لتحفيز الدراسات والتقارير الاستشرافية لمستقبل هذا القطاع.