أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله” أن دولة الإمارات قوية باقتصادها، واثقة بقرارتها، مراهنة على أبنائها، مؤمنة بمستقبلها”، موضحاً سموه بالقول: “أولويتنا الرئيسية أن نكون الاقتصاد الأسرع تعافيا عالمياً، والأكثر استقراراً وتنوعاً على المدى الطويل”.
جاء ذلك أثناء الاجتماع الذي ترأسه سموه مع فريق المنظومة الاقتصادية في حكومة دولة الإمارات لمرحلة ما بعد كوفيد-19، بحضور سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي وسمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة ومعالي محمد بن عبدالله القرقاوي وزير شؤون مجلس الوزراء وذلك ضمن التشكيل الوزاري الأخير، الذي شهد استحداث ملفات ودمج أخرى في إطار رؤية تكاملية تطويرية شاملة.
واطلع سموه على خطة وزارة الاقتصاد لبناء اقتصاد المستقبل في الإمارات بعنوان “خطة اقتصاد الخمسين”، والتي تمثل رؤية الوزارة لمنظومة العمل الاقتصادي على مدى السنوات العشر المقبلة وصياغة المحددات والمخرجات الرئيسية للاقتصاد الوطني بحلول عام 2030، من خلال عرض شامل لأبرز معطيات الخطة شارك في تقديمه كل من معالي عبدالله بن طوق المري وزير الاقتصاد ومعالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي وزير دولة للتجارة الخارجية ومعالي الدكتور أحمد بن عبد الله حميد بالهول الفلاسي وزير دولة لريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة.
وقال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: ” نريد اقتصاداً وطنياً تنافسياً تكاملياً ينفذ أفكاراً استباقية ويحقق قفزات نوعية”، لافتاً سموه إلى أن حكومة الإمارات ما بعد كوفيد-19 تعزز التوجه نحو الاقتصاد الجديد القائم على المعرفة والتكنولوجيا الذكية والعلوم المتقدمة ورأس مال الاقتصاد الجديد المواهب الشغوفة والكفاءات الطموحة والعقول المبتكرة، وأضاف سموه ” معادلة اقتصاد المرحلة المقبلة تتألف من بيئة أعمال جاذبة وبيئة تشريعية متطورة وخدمات لوجستية فعالة وكفؤة”.
فيما تندرج خطة اقتصاد الخمسين تحت مظلة استراتيجية “عام الاستعداد للخمسين”، أكبر استراتيجية عمل وطنية من نوعها أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في ديسمبر 2019 للاستعداد للسنوات الخمسين المقبلة على كافة مستويات الدولة الاتحادية والمحلية، وتشتمل خطة اقتصاد الخمسين على المخرجات الاقتصادية الطموحة لاقتصاد المستقبل، وتتألف من خمسة محاور رئيسية تحدد أطر وآليات عمل المنظومة الاقتصادية خلال العقد المقبل، كما تشمل محددات النموذج الاقتصادي الجديد للدولة والقائم على نهج عمل متكامل تشارك فيه مجموعة من المؤسسات الحكومية المعنية.
وفي هذا الخصوص، استهل معالي عبدالله بن طوق المري وزير الاقتصاد استعراض أبرز ملامح خطة اقتصاد الخمسين، مؤكدا أن الخطة تهدف إلى تحقيق قفزة نوعية في نمو الاقتصاد الوطني لدولة الإمارات بحلول عام 2030 كمرحلة أولى، بحيث تتواءم مع محددات مئوية الإمارات 2071 وتمثل أحد مسارات العمل لتحقيق العديد من مستهدفاتها الاقتصادية. كما تضع الخطة مجموعة من الأهداف والمخرجات الطموحة بحلول عام 2030 تتعلق بنمو الناتج المحلي الإجمالي وازدهار بيئة الأعمال المحلية وتفوق الشركات الإماراتية عالميا.
وأوضح معاليه أن الخطة تتألف من 33 مبادرة، تشكل حزمة مرنة لدعم القطاعات الاقتصادية.. مشيرا إلى أن هذه الحزمة التي اعتمدها مجلس الوزراء وتنفذها وزارة الاقتصاد بالتعاون مع الجهات المعنية، تشكل مرحلة مهمة تمهد لبناء نموذج اقتصادي أكثر مرونة وتنافسية من شأنه أن يوفر دعما طويل الأمد لمستهدفات خطة اقتصاد الخمسين.
ولفت إلى أن الوزارة تعمل على تكثيف جهود التعاون وتعزيز قنوات التواصل والشراكة مع كافة الجهات ذات الصلة على مستوى القطاعين الحكومي والخاص، للتعريف بهذه الحزمة وتسريع وتيرة تنفيذها نظرا لدورها المحوري في تنمية ودعم بيئة الأعمال والنهوض بمختلف القطاعات الحيوية غير النفطية في الدولة.
وقال معالي الدكتور عبدالله بن طوق إن خطة اقتصاد الخمسين تنطلق من قاعدة اقتصادية صلبة تمتلكها دولة الإمارات اليوم، تتميز بسجل حافل من الإنجازات على مستوى المنطقة والعالم، من أبرزها مؤخرا تأسيس مجمع محمد بن راشد للطاقة الشمسية ومؤسسة الإمارات للطاقة النووية وتشغيل محطة براكة للطاقة النووية للأغراض السلمية، وإطلاق مسبار الأمل لاستكشاف كوكب المريخ، حيث إن مثل هذه الإنجازات الكبيرة وغيرها تضع الإمارات في مرتبة متقدمة عالميا في مجالات الاقتصاد الجديد القائم على المعرفة والتكنولوجيا المتقدمة والابتكار والبحث والتطوير.
وذكر معاليه أن خطة اقتصاد الخمسين تتألف من خمسة محاور رئيسية تشكل خريطة طريق للعمل الاقتصادي خلال السنوات العشر المقبلة، وهي: الاقتصاد التكاملي، وريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، والسياحة، والاستثمار الأجنبي المباشر ومضاعفة الصادرات، واستقطاب واستبقاء المواهب والكفاءات.
وأوضح معاليه أن محددات الاقتصاد التكاملي خلال العقد المقبل تقوم على ثلاثة مرتكزات: قطاعات اقتصادية رائدة، مثل تكنولوجيا الفضاء، وصناعة الترفيه الرقمي؛ وفتح أسواق جديدة عبر مواكبة التطورات والمستجدات في الأسواق العالمية؛ وصياغة بيئة تشريعية متطورة تخدم التطلعات الاقتصادية، وترتكز على سهولة ممارسة الأعمال، ودعم الشركات العائلية، وحماية وتحفيز الاستثمار.
من جانبه استعرض معالي الدكتور أحمد بالهول الفلاسي وزير دولة لريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، محور ريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، مؤكدا أنه يمثل توجها استراتيجيا ضمن خطة اقتصاد الخمسين، ويهدف إلى غرس ثقافة ريادة الأعمال لدى الأجيال المقبلة وترسيخ مكانة دولة الإمارات كمنصة ووجهة عالمية لريادة الأعمال، وخاصة في مجالات الابتكار والتكنولوجيا.
وأوضح معاليه أن وزارة الاقتصاد ستعمل مع شركائها للارتقاء بقطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة إلى مستويات أداء أعلى وزيادة مساهمته في نمو الناتج المحلي الإجمالي للدولة.
واستعرض معالي الفلاسي أهمية السياحة بوصفها محورا استراتيجيا آخر ضمن الخطة، لافتا إلى أن العمل خلال السنوات العشر المقبلة سينصب على الترويج لدولة الإمارات كوجهة سياحية رائدة ومستدامة على المستويين الإقليمي والعالمي، بالتوازي مع تعزيز أنشطة السياحة الداخلية في قطاعات واعدة، مثل السياحة البيئية والثقافية، الأمر الذي سينعكس بارتفاع مساهمة السياحة في اقتصاد الدولة.
وعلى صعيد محور الاستثمار الأجنبي المباشر ومضاعفة الصادرات ضمن خطة اقتصاد الخمسين أيضا، قال معالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي وزير دولة للتجارة الخارجية إن هذا المحور الاستراتيجي يعد حيويا لتعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر وتنمية الصادرات الوطنية، حيث سيتم العمل من خلال هذا المحور على تعزيز مكانة دولة الإمارات على خريطة الاستثمار العالمي، وكذلك تنمية صادرات الدولة إلى مختلف الأسواق العالمية، مع التركيز على فتح أسواق جديدة أمام المنتجات الإماراتية.
وفي السياق ذاته، أكد معالي الزيودي أن الخطة تضع ضمن مستهدفاتها الرئيسية محور استبقاء واستقطاب المواهب، بحيث تكون دولة الإمارات من أفضل دول العالم في استقطاب المواهب عالميا، حيث ستتم صياغة برامج ومبادرات مدروسة خلال السنوات العشر المقبلة لتعزيز بناء المواهب والمحافظة عليها، وتعزيز سمعة دولة الإمارات كوجهة مفضلة لأفضل المواهب والعقول والخبرات وأصحاب الاختراعات والإبداعات في مختلف المجالات العلمية والأدبية والإنسانية.
وحددت الخطة منظومة عمل اقتصادي متطورة تقوم على النموذج الاقتصادي 4.0، وتعتمد على أفضل الخبرات والممارسات العالمية لوضع السيناريوهات واستقراء الواقع الاقتصادي واستشراف المستقبل، كما تتكامل من خلال هذه المنظومة أدوار العديد من المؤسسات الحكومية المعنية ضمن مجلس اقتصادي يعمل على تنفيذ الخطة وتحقيق مستهدفاتها بدعم وتنمية الاقتصاد الوطني.