بعد أشهر من الاجتماعات الافتراضية بالفيديو أو الصوتية وتبادل الرسائل النصية ورسائل البريد الإلكتروني، وفي ظل تواتر أنباء عن تخلي بعض المؤسسات والشركات عن العديد من الوظائف، فلا عجب من أن ينتاب بعض من يعملون حالياً من منازلهم، بسبب جائحة كورونا، بعض القلق ولكن أن يصل الأمر إلى جنون الارتياب فهذا ما لم يكن في الحسبان. ويتناول تقرير أعدته “فايننشال تايمز” البريطانية الأسباب وكيفية علاج تلك الحالات.
قبل الحجر الصحي الطوعي وبدء عمل الكثير من الموظفين من منازلهم، كان إذا شعر البعض بعدم الارتياح بشأن شيء ما في العمل، فإنهم ربما كانوا يجدون متنفساً أو حلولاً مقنعة عندما يناقشونه مع زملائهم المتواجدين في محيطهم. أما الآن، فإن الغالبية منهم يمكثون الكثير من الوقت فرادى في غرف مغلقة بمنازلهم يحدقون معظم الوقت في شاشات الحاسوب والهواتف المحمولة.
ويتطلب عمل الكثيرين ممن يؤدون مهامهم الوظيفية من المنزل حالياً عقد العديد من الاجتماعات عبر مكالمات الفيديو أو الصوتية ويتبادلون الرسائل الإلكترونية والنصية. وتشوب هذه الأنشطة بعض السلبيات التي يمكن التغلب عليها أو التغاضي عنها والتي تعزى إلى الافتقار لإشارات التفاعل الاجتماعي التقليدية والمعتادة والتعامل وجهاً لوجه.
هناك أيضاً بعض المظاهر عميقة الأثر بسبب العزلة وعدم الثقة في رضا الإدارة عن الأداء، والتي ربما تنتاب البعض بسبب تزايد حالة التوتر والقلق نتيجة لتبادل رسائل البريد الإلكتروني على مدار الساعة، وحالة الانتباه والترقب المتواصل خوفاً من أن يؤدي عدم استلام رسالة نصية مهمة في توقيت مناسب، وكذلك الخوف الكامن من فقد الوظيفة، ربما تؤدي جميعها أو بعض منها في نهاية المطاف إلى الإصابة بجنون الارتياب.
ويقول أندريه سبايسر، أستاذ السلوك التنظيمي بكلية كاس بيزنس سكول بجامعة سيتي لندن: “بشكل عام، إن جنون الارتياب يتعلق بأشياء غير موجودة أو لم تحدث بعد، مما يعني أنه عندما لا يكون الشخص بالقرب من زملائه في العمل وداخل مقر عمله بسبب العمل الافتراضي من المنزل، فإنه من الممكن أن يكون هناك مساحة لتطور حالة بارانويا. وبالطبع لا يوجد لدى الجميع المعلومات التي تساعدهم على فهم ما يحدث أو يدور بين مسؤولي الإدارة الأعلى”.
ويتفق بروفيسور دانييل فريمان، أستاذ علم النفس في جامعة أكسفورد، مع هذا الرأي، قائلاً: “عندما يصاب الأشخاص بجنون الارتياب فإنه غالباً يعزى إلى حصولهم على القليل من المعلومات أو تعاطيهم مع الكثير من المواقف الغامضة. في الوقت الحالي هناك الكثير من الغموض والتهديدات باحتمالات فقد الوظائف، كما أن هناك الكثير من فترات الفراغ التي توفرت بسبب تغيير الأنشطة الروتينية اليومية ومقابلة الآخرين للتحدث عن الكثير من الأشياء الأخرى بعيداً عن موضوعات العمل والمستقبل”.