تبحث الحكومة الأردنية عن شخصية بمواصفات خاصّة لرئاسة مجلس إدارة الصحيفة الأولى في البلاد والتي تعتبر من أبرز أذرع الإعلام الرسمي وتعاني الآن من أزمة ماليّة حادّة جدًّا أدّت إلى تأخّر الرواتب نحو أربعة أشهر.
ويُثير الوضع المعقّد في صحيفة “الرأي” الحكومية تساؤلات بالجملة في خارطة الصحافة الأردنية خصوصًا وأن الازمة المالية سبقت الاشتباك مع فيروس كورونا وسياسة الحظر والإغلاق ومنع الطباعة ونتجت عن شراء مطبعة ضخمة وسط شُبهات بحصول مُخالفات ومن دون مبرر ثم الانشغال بصعوبة تشغيل تلك المطبعة التي تردّد أنّ سعرها زاد عن 50 مليون دولارًا بحيث اضطرّت المؤسسة لاحقًا لإقامة مبنى جديد بعدما تبيّن بأن المطبعة أكبر من المبني المُخصّص.
بكل حال ثمّة تحقيق مع أعضاء في مجلس الإدارة السابق وثمّة عرائض واحتجاجات اليوم للصحفيين بسبب أزمة الرواتب والمداخيل.
وزاد الأمر تعقيدًا بعد أزمة وتداعيات جائحة فيروس كورونا فيما تتردّد المؤسسة العامّة للضمان الاجتماعي والتي تملك حصّة كبيرة من أسهم الصحف الورقية اليومية في تغذية وتعويض النقص المالي.
بدورها، الحكومة كانت قد أعلنت على لسان الناطق باسمها الوزير أمجد العضايلة، بأنّها مهتمّة بالأزمة الماليّة التي تعصف بالصحف اليومية الكبيرة وتجري الاتصالات مع الجهات المعنية.
لكن يتّضح من تعليقات الوزير العضايلة بأن الحكومة الحالية لا تجد نفسها معنيّةً بالتدخّل المالي لإنقاذ الصّحف المتعثّرة الكُبرى في البلاد فقد تحدّث العضايلة عن ضرورة التطوير وإعادة الهيكلة وهي مسألةٌ تعني تخفيض الكوادر وتقليص الرواتب.
لذلك تبحث السلطات اليوم عن شخصية تتولّى إدارة المؤسسة العريقة على أمل التمكّن من جذب أموال للمساعدة والإنقاذ فيما لا ترى العديد من الشخصيات أن مهمّة إنقاذ الصحيفة الأعرق في البلاد بسيطة أو سهلة.
في المُقابل تضرب الأزمة المالية في صحيفة الدستور العريقة أيضًا وسط خيارات صعبة وتراكم في الديون وتأخّر في دفع الرواتب ووسط تحقيق إداري على الهامش بكيفيّة إدارة الأمور في الصحيفة من قبل إدارات سابقة.
ويُطالب العاملون في صحيفة الدستور بمسطرة واحدة إذا ما تدخّلت الدولة لإنقاذ ومساعدة صحيفة الرأي تشمل صحيفة الدستور بالرعاية وتوفير فائض مالي ولو بقروض بفائدة صغيرة.
لكن الانطباع عند الشارع الصحفي والإعلامي أن صحف الحكومة أو المُساهمة العامّة في أكبر مؤسّستين يُهدّدها خطر البقاء حيث يحتج العاملون من صحفيين وفنيين وتتجدول الرواتب وتتأخّر وتتراكم الديون وحيث منظومة أمنية تُحاول بدورها إنقاذ هذه المؤسسات التراثية بالنسبة للصحافة ودورها بعد سلسلة أخطاء وتقاليد أطاحت بالمعيار المهني وبتطوير آليّات العمل وبالأسس التجارية أيضًا.
ولا يبدو أن الصحيفة اليومية غير الحكومية والتي يرعاها القطاع الخاص وهي صحيفة الغد اليومية بعيدة عن تداعيات الأزمة الاقتصادية الحادّة فالكادر الصحفي في الغد يُعاني أيضًا من تأخّر زيادات الرواتب ويخشى نتائج الإعسار المالي بمعناه القانوني أو تداعيات وانعكاسات إعادة الهيكلة وتأثير ذلك على فصل موظّفين وصحفيين واحتمالات المُناكفة والبطالة خصوصًا وأن إدارة الغد تشتكي من ضغوط ماليّة قاسية تُواجهها.
ولا ذكر في خارطة اليوميات بالمقابل لصحف أخرى مثل الأنباط أو غيرها خصوصًا بعد توقّف صحيفة السبيل أيضًا لأسباب مالية وتعثّر طباعتها أكثر من مرّة.
يقارن الجسم الصحفي في الصحافة الكلاسيكية نفسه من حيث الدعم الخزينة المالي بالنفقات الباهظة التي تدفع لشاشة تلفزيونية جديدة اسمها المملكة والتي تدعمها ماليّة الدولة ويقدّر الخبراء أنّها كلّفت حتى الآن ما يُقارب 150 مليون دولارًا وتحتاج لملايين الدولارات كنفقات سنويًّا ويُمكن لجزء من هذه النفقات أن يُعالج أزمة الصحف الوطنيّة وأعبائها.
ويبدو أن مشروع دمج المملكة بوكالة الأنباء الرسميّة “بترا” والتلفزيون الأردني يتسارع أيضًا وينتظر القرار السياسي النهائي ضمن مشروع طموح باسم “الشبكة الوطنيّة للإعلام”.