لا تزال المشاهد المؤلمة التي خلفها الانفجار الهائل، الذي ضرب العاصمة اللبنانية، بيروت، بتاريخ 4 أغسطس/ آب 2020، تسيطر على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن رسمة من أنامل فنانة لبنانية، والتي تحمل عنوان “الملائكة الصاعدة”، نالت قدراً كبيراً من الانتشار تخطى حدود لبنان.
وتقول صاحبة العمل الفني المؤثر، اللبنانية فاطمة ضيا، لموقع CNN بالعربية، إن الهدف الأساسي وراء إقدامها على رسم لوحة “الملائكة الصاعدة” كان بمثابة نوع من أنواع التعبير عن المشاعر التي انتابتها جرّاء هذا الحادث الأليم.
وتوضح فاطمة ضيا أنها لم تجد طريقة أنسب لتفريغ مكامن إحساسها سوى عبر خلق هذه اللوحة، وذلك بعد مرور يومين على الانفجار، إذ كانت مشاعر الصدمة هي الطاغية خلال أول يومين من المأساة.
وتتذكر لحظة وقوع الانفجار “المرعب” قائلة: “كنت موجودة في منزلي، وهو بعيد نسبياً عن منطقة وسط بيروت، ولكنني بالرغم من ذلك شعرت بعصف الانفجار”، مضيفةً أنه من دوي الانفجار علمت على الفور أنه “ليس كأي انفجار عادي”.
وكان أول ما خطر في بالها هو الاطمئنان على عائلتها، وبالأخص شقيقتها، التي كانت متواجدة حينها في عملها وسط بيروت، في مكان قريب من موقع الانفجار، وتابعت :”بدأنا نرى المشاهد الأولية المؤلمة على شاشات التلفاز وكانت بالفعل صدمة كبيرة وغير متوقعة على الإطلاق!”.
وتصف الفنانة اللبنانية مشاهد الانفجار باللحظات القاسية، والمخيفة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، والتي ولدّت لديها مشاعر متضاربة من الخوف، والغضب، والذعر والأسى، مضيفةً: “كل ذلك فجّر عندي ثورة داخلية تُرجمت من خلال رسم تلك اللوحة”.
وعمدت فاطمة ضيا إلى توثيق مراحل عملها الفني من خلال التصوير المتقطّع، والذي يترجم الحالة النفسية التي كانت تنتابها حينها.
وأرادت أن تجسد هذا الحادث الأليم، بينما لم يغب عن بالها صورة بيروت قبل الفاجعة، بيروت الصاخبة، التي لا تهدأ ولا تنام، بيروت الجمال التي تعجّ بالحياة ليلاً نهاراً، ليأتي بعدها هذا الحدث الأليم، وصورة الدخان، والنار، والدمار وصولاً في النهاية إلى صورة صعود الملائكة إلى السماء، والتي تمثل الأرواح الطاهرة التي كانت ضحية للتقصير والإهمال، بحسب ما ذكرته.
وسيكون موعد المزاد، في 30 أغسطس/آب الجاري منتصف الليل (بتوقيت بيروت)، ووصلت المزايدة على اللوحة إلى مبلغ 43 ألف دولار حتى الآن، وستتبرع فاطمة ضيا بنسبة 100% من المبلغ للأشخاص الذين فقدوا منازلهم وتأثروا بهذه المأساة، خاصةً أولئك الذين لديهم موارد محدودة.