بينما يلاقي البعض صعوبة في تخفيض أوزانهم، لا يجد البعض الآخر مشكلة في تناول مايحلو لهم من طعام من دون اكتساب أي وزن زائد.
وعن هذه الظاهرة تحدثت أستاذة التغذية وعلوم الغذاء في جامعة رود آيلاند كاثلين ميلانسون لمجلة لايف ساينس، إنه لا توجد إجابة واحدة بسيطة عن هذا السؤال، بل هناك عوامل وراثية وغذائية وحتى سلوكية، مع مدى تأثير كل من هذه العوامل في أي فرد بعينه.
وأوضحت ميلانسون أن الكثير من هؤلاء الأشخاص لا يأكلون أكثر منا، وعلى سبيل المثال، صديقك الذي يتناول الآيس كريم بشكل يومي قد يعوض بشكل طبيعي تلك السعرات الحرارية الزائدة عن طريق تناول كمية أقل في وجبة أخرى، أو تناول وجبة خفيفة أقل طوال بقية اليوم. أو ربما، عندما يأكلون البيتزا، يتناولونها ببطء، ويشعرون بالشبع، ثم يتوقفون بعد بضع شرائح فقط.
وقال الدكتور فرانك غرينواي، كبير الأطباء في مركز بينينغتون للأبحاث الطبية الحيوية: “إذا قمت بقياس السعرات الحرارية لهؤلاء الأشخاص، فقد لا يأكلون بقدر ما تعتقد. إنهم يأكلون فقط أطعمة كثيفة السعرات الحرارية”، ويمكن أن يحدث النشاط البدني فرقا أيضا، ولكن لا ينبغي أن يكون تمرينا رياضيا.
وأضافت ميلانسون: “بعض الناس يتحركون أكثر، حتى لو لم يكونوا بالضرورة رياضيين”. وعلى سبيل المثال، قد يتململون أو يسارعون، أو لديهم وظيفة نشطة، أو يقضون اليوم كله في مطاردة أطفالهم.
كما كشفت أن هناك أدلة على أن بعض الأشخاص مهيأون وراثياً، للرغبة بتحريك أجسامهم. ويمكن لهذه الحركة الإضافية أن تزيد من عملية التمثيل الغذائي في الجسم، أو مقدار الطاقة التي ينفقها جسمك على مدار اليوم، دون أن تشمل ممارسة الرياضة. وكلما تحركت، زادت “الميتوكوندريا داخل خلايا العضلات من حيث العدد وفي نشاطها. وتلك هي محطات الطاقة التي تولد الطاقة وتستخدمها في الحركة”.
أما الدكتورة إينيس باروسو، الباحثة في جامعة كامبريدج بإنكلترا، التي تدرس علم وراثة السمنة، فتقول إن هناك القليل من الأدلة التي تشير إلى أنه – من دون ممارسة التمارين الرياضية – يولد بعض الأشخاص بخصائص حرق سعرات حرارية أكثر بكثير من الآخرين.
وقالت ميلانسون إنه قد تكون هناك اختلافات فسيولوجية تسمح لبعض الأشخاص بتخفيف عدد السعرات الحرارية التي يستهلكونها بشكل طبيعي، دون ممارسة ضبط النفس بشكل هائل. وتتفاعل إشارات الجهاز العصبي والهرمونات التي تنتشر في دمنا لتخبرنا عندما نكون جائعين أو ممتلئين. وهذا يسمى نظام تنظيم الشهية، وقد يكون أكثر حساسية لدى بعض الناس مقارنة بالآخرين.
وهناك هرمون واحد مهم في هذا النظام، هو الليبتين، الذي يساعد في تنظيم كمية الطعام التي نريد تناولها على مدى فترات زمنية أطول، وليس فقط لوجبتنا التالية، تقول ميلانسون: “إن بعض الأشخاص يستطيعون تلقائيا، نوعا ما، إعادة معايرة توازن طاقتهم لأن نظام إشارات الشهية لديهم يمكن أن يقول “حسنا، لدينا طاقة كافية “”.
ويمكن أن تلعب الوراثة دوراً في ميل الشخص إلى اكتساب الوزن أو إنقاصه. وحدد الباحثون أكثر من 250 منطقة مختلفة من الحمض النووي المرتبطة بالسمنة، وفقا لدراسة عام 2019 التي نشرت في PLOS Genetics.
وفي هذه الدراسة، قارن الباحثون 1622 شخصا صحيا ذوي مؤشر كتلة الجسم المنخفض (BMI) مع 1985 شخصا يعانون من السمنة الشديدة، و10433 شخصا يتحكمون في الوزن الطبيعي. ووجدوا أن المشاركين النحيفين لديهم عدد أقل من الجينات المرتبطة بالسمنة. ولكن فريق البحث أوضح أن الجينات وحدها لا تحدد وزنك.
وفي النهاية، تقول الإجابة معقدة: ميلنا لزيادة الوزن أو الحفاظ على وزننا لم يُحدد مسبقاً، ولكنه أيضاً ليس تحت سيطرتنا بالكامل. ولا يوجد مفتاح تشغيل/إيقاف جيني يسمح لبعض الأشخاص بتناول كل ما يريدون دون زيادة الوزن؛ وقالت ميلانسون،”إن الميل إلى اكتساب الوزن ليس بالضرورة بسبب عدم التحكم في النفس”.