بعد سبع سنوات من العمل في المهجر بسرية تامة، شهدت العاصمة دمشق انعقاد المؤتمر الأول لتجمع سوريا الوطني، تحت رعاية حكومية، وبحضور أكثر من مئة رجل أعمال سوري بارز من داخل البلاد وخارجها، في خطوة تعكس بداية مرحلة جديدة من التنمية والاستقرار.
رؤية اقتصادية جديدة وإصلاحات مرتقبة
افتتح المؤتمر وزير المالية محمد أبازيد، مشيرًا إلى أن الحكومة تعمل على إعداد نظام ضريبي شفاف وعادل، يراعي مصالح المستثمرين ويعزز دور القطاع الخاص، دون المساس بالحقوق العامة. كما أوضح أن الخصخصة ليست عملية بيع للقطاع العام، بل هي شراكة استراتيجية تهدف إلى إنقاذ الشركات المتعثرة ودفع عجلة الاقتصاد نحو التعافي.
من جانبه، أكد وزير الزراعة محمد طه الأحمد على أهمية الزراعة في دعم الاقتصاد السوري، مشددًا على أن البلاد تمتلك موارد زراعية فريدة مثل القمح القاسي، الفستق الحلبي، الزيتون، والخيول العربية، وجميعها تتمتع بقدرة تنافسية عالمية، ما يستدعي وضع سياسات زراعية مستدامة لتعزيز الإنتاج والتصدير.
تجمع سوريا الوطني: مشروع وطني لدعم الاستقرار والتنمية
في كلمته الافتتاحية، أكد السيد مفيد كرامة، رئيس التجمع، أن سوريا اليوم بحاجة إلى جميع أبنائها للمساهمة في إعادة الإعمار، قائلًا:
“هذا التجمع وُلد في الخارج على أيدي رجال أعمال وطنيين، والآن حان وقت العمل داخل سوريا، لدعم الحكومة، وترسيخ مبادئ الحرية، الديمقراطية، العدالة الاجتماعية، وسيادة القانون.”
أما السيد تامر التونسي، أحد مؤسسي التجمع، فقد دعا رجال الأعمال السوريين إلى توظيف علاقاتهم الدولية لدعم جهود الحكومة في رفع العقوبات، مشيرًا إلى أن النظام السابق ترك إرثًا اقتصاديًا صعبًا وواقعًا إنسانيًا معقدًا، لكن القيادة الجديدة بدأت في تنفيذ إصلاحات جذرية، من بينها القضاء على تجارة الكبتاغون وإلغاء القوانين الاستغلالية.
بدوره، شدد السيد إياد النجار، أحد مؤسسي التجمع، على الدور الحاسم للإعلام في إنجاح أي مشروع وطني، مشيرًا إلى أن نهضة إمارة دبي لم تكن لتتحقق دون سياسات إعلامية فعالة دعمت الرؤية الاقتصادية والاستثمارية. وأضاف:
“نحن بحاجة إلى إعلام قادر على نقل صورة حقيقية عن سوريا، إعلام لا يكتفي بتوثيق التحديات، بل يعكس فرص النهوض والتنمية. لا يمكن أن يكون هناك اقتصاد قوي من دون إعلام قوي يواكبه ويدعمه.”
محاور رئيسية للنهوض بسوريا
ناقش المؤتمر ملفات محورية تتعلق بـ التعليم، الصحة، التكنولوجيا، والاقتصاد، حيث أكد الدكتور مؤيد الرشيد أن الاستثمار في الإنسان يجب أن يكون أولوية قبل التركيز على البنية التحتية، مقترحًا تأسيس المجلس الأعلى للتعليم لصياغة سياسات تربوية جديدة.
كما تحدث السيد منذر البزرة عن الحاجة إلى تقديم مساعدات إغاثية عاجلة للأسر المتضررة، فيما ركز الدكتور موسى متري على أهمية الإصلاح القضائي لضمان استقرار تشريعي يعزز البيئة الاستثمارية.
على الصعيد الاقتصادي، شددت الدكتورة ليلى السمان على ضرورة تحقيق عدالة ضريبية تحفّز الاستثمار، بينما أوضح السيد هيثم جود أن سوريا قادرة على تحقيق ناتج محلي يفوق 70 مليار دولار، إذا تم اعتماد خطوات مدروسة وسريعة نحو التنمية.
انطلاقة حقيقية نحو إعادة الإعمار
لم يكن المؤتمر مجرد تبادل للأفكار والرؤى، بل انطلقت اللجان المختصة فورًا لتنفيذ الخطط المتفق عليها، حيث توزع الأعضاء وفق اختصاصاتهم، وبدأ العمل فعليًا على أرض الواقع، في خطوة تمثل بداية ملموسة لتحقيق رؤية تجمع سوريا الوطني في بناء مستقبل مزدهر ومستقل.