أظهرت أنقاض انفجار مرفأ بيروت بعد أكثر من عامين من انفجاره في أغسطس 2020، أعمال فنية “منسية” لاقت نصيبها من التدمير، إثر انفجار مئات الأطنان من نترات الأمونيوم في الميناء، حيث مزّق الزجاج متاحف وقصوراً ومعارض فنية إلى أشلاء، في حين أسفر التفجير عن مقتل أكثر من 200 شخص.
ولكن أسفرت الكارثة عن نتيجة غير متوقعة، فقد أُمكن تحديد لوحتين متضررتين بشدة من منزل إحدى أكبر العائلات في لبنان خلال عملية الترميم على أنهما من روائع الفنانة الأكثر شهرة في القرن السابع عشر أرتميزيا غانتليتشي، وهما لوحة “هرقل وأومفيل”، ولوحة “ماريا المجدلية الصغيرة”.
حيث كانت لوحة “هرقل وأومفيل”، التي رسمتها الفنانة على الأرجح في نابولي في ثلاثينيات القرن السادس عشر، مُعلّقة في قصر سرسق في بيروت منذ عام 1920، ويتم الآن ترميمها في متحف جيتي في لوس أنجلوس، حيث أُزيلت شظايا الزجاج وأُلصِقَت التمزقات في قماش اللوحة بواسطة فرق من المُرمّمين.
وأكّد الخبراء أيضاً اعتقاد مؤرخ الفن اللبناني، غريغوري بوشاكجيان، الذي درس اللوحة في التسعينيات، بأنها من أعمال “أرتيميزيا”.
ويُجمِع الخبراء على أنَّ لوحة “ماريا المجدلية الصغيرة”، التي انتشلها بوشاكجيان بنفسه من تحت كومة من الغبار والجص في القصر بعد الانفجار، تعود أيضاً لأرتميزيا غانتليتشي.
وكان بوشاكجيان قد زار المنزل في الأيام التي أعقبت الانفجار لمعرفة ما حدث للمجموعة الفنية التي زارها عندما كان طالباً قبل أكثر من 25 عاماً، ووجدها في حالة من الفوضى.
وأفاد بوشاكجيان في حديث لصحيفة “التايمز”، الخميس 27 أكتوبر، إن “ماريا المجدلية لم تكن مُعلّقة على الحائط، بل كانت هناك كومة من الأنقاض على الأرض، وفهمت أنَّ اللوحة موجودة فيها”.
وأوضح بوشاكجيان: “كنت هناك بمفردي لذلك تسلقت على الكومة واستخرجت اللوحة، وأدركت حينها أنني عبثت بلوحة قد تصل قيمتها إلى ملايين الدولارات مملوكة لأشخاص لا يبدو أنهم عرفوا على الإطلاق ما يمتلكونه”.
ويُذكَر أن ترميم لوحة مريم المجدلية انتهى الآن في إيطاليا، وستُعرَض لوحة هرقل وأومفيل، بمجرد اكتمال الترميم في متحف جيتي، لكن رودريك سرسق كوكرين، الذي يشرف على إصلاحات منزل العائلة، يقول إنه ينوي إعادتها إلى بيروت في نهاية المطاف.
وأفاد كوكرين إنه يأمل في العثور على تمويل لإكمال العمل في مكان آخر، على الرغم من القيمة المحتملة للوحة، مضيفاً لصحيفة التايمز: “أود أن أفتتح القصر متحفاً، لن تكون هناك فائدة كبيرة من التخلي عن أفضل عملين فيه”.
ويُشار إلى أن عائلة “سرسق” لها نَسَب مميز في الشرق الأوسط، قد فر أسلافها من سقوط القسطنطينية إلى الإمبراطورية العثمانية عام 1453، ثم انتشروا عبر الشرق الأوسط قبل أن يستقروا في الأشرفية، في الحي المسيحي في بيروت.