نادِلُ الأحزان

السعودية اليوم _ الشاعر السوري أحمد الصويري:

 

نادِلُ الأحزان

الرّجُلُ الدّمعُ..
تدلّى من عينيكِ
على خدّ المقهى
ثمِلا

أوحى لكؤوسِ المشتاقينَ
تدقّ دفوفَ الصّبرِ
وتلبسُ من زبَدِ النّشوةِ
حُلَلا

تتمشّى اللّهفةُ في عينيهِ
وتُربِكُ طاولةً أُخرى
فالطّفل هناكَ
على حِجْرِ المنسيّةِ
يبكي
حين على كفّ المستقبلِ
مدَّ لهُ المنفى
أمَلا

تتفرّسُ سيّدةٌ كأساً
وتُشيرُ بإصبعها الوسطى
والنّادلُ..
يخزنُ في جيبَيهِ
شتائمَ كلّ المُنتظرينَ
ويأتي مُبتسِماً
خجِلا

يأتي من قلبِ الضجّةِ صوتٌ
“يا بنَ الكلبِ”
تأخّرَ فنجانُ الآهاتِ
وأنتَ توزّعُ ضحكاتٍ
لا طعمَ لها
لا لونٌ
لا…

أَسقِطْ من قلبِكَ
بعضَ الخُبزِ
وبعضَ الملحِ
يقولُ النّادلُ في سرٍّ
لو أنّي…
ثُمَّ يعودُ الصّوتُ
طلبتُ القهوةَ “مضبوطةْ”
لَمْ تفهمْ يا بْنَ الـ…؟
ويسيلُ الدّمعُ بلا عينينِ
وتطفقُ أسئلةٌ أُخرى
يا هذي الأرضُ!
أهذا أنتِ تبيعينْ؟
أوَهذا ما في صدركِ ليلَ نهارَ تضمّينْ؟

أبناؤكِ..
مرّوا فوقَ القلبِ..
وفوقَ العينِ..
وفوقَ…
“فمَنْ أحسَنُ عمَلا؟!”

أحياناً..
تمشي الدّمعةُ عكسَ الأوهامِ
ونحتملُ

أحياناً..
يُبكينا اللهُُ..
فنضحكُ من فرط الأحزانِ
ونكتملُ

كي تُورقَ بادئةٌ أخرى للخَلْقِ
توازي خيبتَنا..
نقطفُ من كفِّ الموتِ جيوبَ العيشِ
فلا نصِلُ