الشاعر الفلسطيني- مصطفى مطر:
كأنَّكَ قهوةٌ شُغِفَت بهالِ
رقيقِ الطَّبعِ في كأسٍ زُلالِ
يُلوِّحُ بُنُّها العرّافُ هيّا
لتنفَذَ للمُحالةِ مِن خلالي
دمشقُ على أظافرِها تراثٌ
كعِزِّ بني أميّةَ للموالي
وكالحمراءِ تتّصِلانِ حبلًا
بِروحٍ أرهقَت فِكري وبالي
لهذا البُنِّ إيقاعٌ يُربِّي
فواكِهَ رقّةِ الرَّجلِ المِثالي
فمٌ وزهورُ أوركيدا، وليلٌ
بِحَانتِهِ تراقصَتِ اللّيالي
وكُنتُ وكُنتِ، كان العمرُ منفى
إلى أن.. فاكتويتُ مِن الجمالِ
ترُشِّينَ المكانَ ندًى مُحلّى
وتَرْشِينَ الأصابعَ باللآلِي..
وأنسَى مَن أنا، وقتَ التّلاشي
بخصرِكِ يا مقدّسةَ الدّلالِ
لقد أوردتِني موتًا فصيحًا
بهِ تحنُو النّساءُ على الرِّجالِ..
على أبوابِكِ العُليا استرحنا
فنَحوَكِ واجبٌ شَدُّ الرِّحالِ
وآثَرْنا الهلاكَ على نجاةٍ
وقلبُكِ في الحقيقةِ – لا يُبالي
فآهٍ من فداحةِ ما اجترحْنا
وآهٍ مِن هواكِ بكُلِّ حالِ
وآهٍ مِن نزيفِ الآهِ يُغري
دمًا أخَذَ البلادَ إلى الخيالِ
هناك رأيتُ تاريخًا وذكرى
شهيدًا حيَّدُوهُ بلا قتالِ
أنا الوطنُ الأخيرُ وأنتِ منفى
أفضِّلُهُ لأهنأَ بالوصالِ
وأنتِ عقيدةٌ لفمٍ لحُوحٍ
سيبتكِرُ الجموحَ بذاتِ خالِ
يُقيمُ اللّيلَ يسألُ وجنتيها
عن المرفَا، لِيُخطِئَ بالسّؤالِ
وتُورِقَ مرّةً أخرى، وتبقى
أذانَ الحبِّ بشرى مِن بلالِ
تُعانِقُهُ ليَغرقَ دونَ بحرٍ
وكان البحرُ آسِرَها الجمالي
مَنِ الأنثى التي حُيِّرتَ فيها
زمانًا يا دمي.. ذاتُ العِقالِ
مَن الأغلى عليكَ كأنَّ شامًا
بها غَمًّا تموتُ على العيالِ..
سماويُّونَ غايتُنا عناقٌ
وشاميُّونَ في النّغمِ النّضالي
لنا في القدسِ جِذعٌ مِن عنادٍ
إذا دعَتِ الحياةُ إلى نِزالِ
تطايرَتِ النّوارسُ مِن يدَيها
ليُشرِقَ حُسنُ ربّاتِ الحِجالِ
نُطِلُّ على الوُجودِ بصبرِ أنثى
كَبِنتِ العَمِّ سيّدةِ المعالي
لجأتُ، وفي حماكِ وجدتُ مَسعَى
مُحِبٍّ قال دونَ فمٍ: تعالي
فشَملُ الأهلِ منفصِلٌ وهذا
أوانُ المُولَعينَ بِالاتِّصالِ
وعزمُ ذويكِ بي، وفداهُ دمعي
دمي أُجريهِ مِن عبقٍ مُسالِ
قتيلُكِ -والحياةُ لِقُبلةٍ- لا
تُرَدُّ.. فَفِيهِما فصلُ المقالِ