الشاعر المصري- عاصم عوض:
افتحْ ليَ الأبوابَ مُوصَدةٌ
هذي السماءُ وأنتَ فاتِحُهَا
وامنَحْ صَدَايَ عناقَهُ
وأنامِلي يدًا يَهذِي مُصافِحُهَا
لَمَّا يَكُنْ للحُبِّ مُفرَدةٌ
أَلقَى عليها الحبَّ شارِحُها
مِثلُ المآسِي وهي طامِحةٌ
وثَراهُ سُلوانًا يُطامِحُها
إذْ خَاصَمَتهُ نفسُهُ فسَرَى
بِدَمٍ ومِطرَقةٍ يُصالِحُها
لا يَقتَفِيها يَقتَفِي جَبَلًا
عن خطوةِ الراعي يُنافِحُها
آثارُهُ تَخفَى على قلقٍ
لكنَّ نَزْفًا فيهِ فاضِحُها
في الأرض كم تبدو مدائِنُهُ
مَلأَى بما يَهواهُ سائِحُها
حَيرَى مِن السلوانِ تذكرةً
أيامُها الأُولَى نَواضِحُها
كم جَرَّحَ المِرآةَ مُنتَظِرًا!
والحزنُ في عَينيهِ جارِحُها
أَعَدَى على أطلالِه زمنٌ؟
أم قد تُغَيِّرُهُ مَلامِحُها؟
ظِلًّا يَهيمُ -على أصابِعِه-
رُوحًا تُجَسِّدُها جَوارحُها
كم أوقدت أحلامَه سِنَةٌ
والشيبُ مِيقاتٌ يُجَامِحُها
كالطّيرِ في المعنى وأجنحةٌ
في البدءِ غاديها ورائحُها
يَخشَى وأَقسَى ما يُرَهِّبُهُ
شيبُ الأماني وهو قارِحُها
لِيُعَلِّمَ الأسماءَ مُتَّقِدًا
تَسبِيه ما تَسبِي مدائِحُها
كم ناقةٍ مِن شَدوِهِ خَرَجَت
فَأَغارَ عاقِرُها وصالِحُها
وقد استراحَتْ في حشاشتِه
كم معجزاتٍ لا يُقَادِحُها!
أَلقَت به في يَمِّه يَدُه
ظِلًّا ثَقيلًا لا يُمَازِحُها
لَمّا هَوَى في نورِه: صَرَخَت
تَفديكَ ظلمائِي وصائِحُها
مَن ذَا يَصِيحُ؟ كأنّها لغةٌ
عَلياءُ لا طِينٌ يُسافِحُها
أسماؤُها تَخفَى على فَمِه
ومَجَازُ مَنْ مَسَّتْهُ فاضِحُها
وكأنَّه أَعمَى بِهِ وطنٌ
وَعَصًا تُرِيه غدًا مطارِحُها
بيضاءُ لا شَرٌّ تُكابِدُهُ
والحربُ خَنساءٌ جوانِحُها
بَتراءُ كم أَبلَت وكم فَتَكَت!
خَسِرٌ كثيرًا ذاك رابِحُها
عَجماءُ تُفصِحُ عن ضلالتِها
عمياءُ تَهديها مَذابِحُها
يا (عُرْوَةُ) الصَّحراءُ شاعرةٌ
حسناءُ لا تَغفو قَرائِحُها
لا تَعرِفُ الألوانَ مُنشَرِحٌ
في وَجهِها الشمسي واضِحُها
لا تَعرِفُ الإنسانَ وَردتُها
لا تَنصرُ الباغِي شرائِحُها
وقَفَت على أطلالِها لُغةٌ
تَعرَى كما يَعرَى مُبارِحُهَا
فاحملْ إلى الصحراءِ غَيمَتَهَا
تَرْثِ الثَّرَى أَبَدًا نَوائِحُها