الشاعرة السودانية- ابتهال مصطفى تريتر:
لَكَ فِي الْحُرُوفِ هَدِيرُهَا وَهَدِيلُهَا
وَتَمَامُ مُعْجَمِهَا وَإِسْرَاءَاُتهَا بِالْحَقِّ
سُندُسُ أُفْقِهَا الأبْهَى
وَشَاطِئُهَا الْمَهِيبْ
لَكَ فِي الْبُحُورِ قَدِيمُهَا
وَحَدِيثُ يُونُسَ
شَهْوَةُ الْيَقْطِينِ ..
أَن يَلْقَاكَ مُلْتَحِفاً بِبَطْنِ الْحُبِّ
مُبْتَهِلاً مُنِيبْ
وَاللَّيْلُ تَلْبِيَةُ الْكَمَانِ فَهَلْ يَضُوعُ اللَّحْنُ
يَا غِرِّيدُ
يَا شَطَّ الدُّعَاءِ الْحُلْوِ
هَلْ مِنْ عَابِرٍ بِالْمُسْتَحِيلِ
وَمِن مُجِيبْ
كَرَماً لَقِيتُكَ عِندَ هَمْسِ الرَّمْلِ لِلصَّحْرَاءِ
عِندَ الْحَاقِبَيْنِ عَلَى جِرَارِكُمُ الْقَوَافِي
عَفَّرُوا لِلضَّادِ مَشْرَبَهَا
وَسَارُوا حُفَّلاً
لَكَ مُكْرَماً فِي كُلِّ مَاكَتَبُوا نَصِيبْ
قِفْ..
إنَّنِي قَبَّلْتُ رَأْسَكَ كُلَّمَا مَدَّتْ لِيَ الأَحْبَارُ
طَائِعَةً قَرِيحَتَهَا
وَزَوَّدَنِي الْجُمُوحُ
رَكِبْتُ
لِي شَرَفُ الصُّعُودِ حَفِيَّةً
أَنِّي رَفَعْتُ عَلَيْكَ
يَا سَنَدَ الْقَصِيدِ
وَصَرْخَةَ الصَّحْوِ الأدِيبْ
مُتَوَشِّحاً بُرَدَ الْجَمَالِ
أَعِدْ إلَى مَطَرِ الْكَلَامِ رُعُودَهُ وَسَمَاءَهُ
قَدْ هَدَّنَا فِي كُلِّ خَفْقٍ وَدْقُهُ ..
وَرُكَامُهُ
أَوَلَمْ تَرَ الأَطْيَافَ تَحْرُسُ نَبْضَهَا
وَتَمُدُّ أَلْسِنَةَ انتِظَارٍ طَعْمُ أَوْبَتِهَا رَهِيبْ
يَا سَمْرةَ الْخَيْطِ الَّتِي ..
شَقَّتْ عُبَابَ الصَّندَلِ اللَّيْلِيِّ
أَرْخَتْ زَندَهَا
وَلِإِبْرَتَيْنِ مِنَ الْعَبِيرِ
وَأَفْرَدَتْ لِلشَّوْقِ أَقْمِصَةً ..
وَأَجْنِحَةً .. وَطِيبْ
وَيَدَاكَ تَفْتَرَّانِ يَنتَظِرُ الإله نِدَاهُمَا
مَازِلْتَ تَكْتَنِزُ الْحَقَائِقَ فِي كُهُوفِ الصَّوْتِ
جَاءَ السَّامِرِيُّ
وَأَلْفُ فِرْعَوْنٍ وَهَامَانٍ
وَمَا اطَّلَعُوا وَمَا خَبِرُوا صُرُوحَكَ
دُلَّهُمْ
هُمْ لَيْسَ فِي أَقْدَامِهِمْ خَطْوٌ لَبِيبْ
وَالْمَيْنُ يَبْحَثُ فِي خَيَالِ الْخَوْفِ عَن وَطَنٍ
وَيَخْلَعُ نَعْلَهُ
لَمْ يَبْقَ إلَّا الشِّعْرُ
يَحْرسُ دَوْلَةَ الْوَرَقِ الَّتي
زَاغَتْ مَعَ الأَبْصَارِ هَيْبَتُها وَمَزَّقَها النَّحِيبْ
لَاشَيءَ يُولَدُ مِن رُؤَى
أَبَتِ الْمَدَائِنُ صَمْتَهَا
وَتَجَحْفَلَ الْقَدَرُ الْمُؤَجَّل فِي أَزِقَّتِهَا ضُحًى
وَتَكَالَبَتْ فِيهَا الْوُجُوهُ تَبَدَّلَتْ
وَالسُّوقُ تَلْتَهِمُ الْحَبِيسَ
عَلَى الْغَرِيبِ
عَلَى الْحَبِيبْ
لِلْغُبْن أَبْطَالٌ
وَقَدْ شَابُوا ..
وَهُمْ يَتَسَلَّقُونَ أَذًى كَوَالِيسِ الْوَلَاءِ
الآنَ سَادُوا
هَلْ سَمِعْتَ لِوَقْعِ حَافِرِهِمْ صَدَى
نَبْشُ الْعُرُوقِ غَنِيمَةٌ فِي فِقْهِهِمْ
وَجَمَاجِمُ الأَسْرَى
عَلَى اللَّاشَيْءَ مَرْتَعُهَا الْخَصِيبْ
الآنَ يَنسَدِلُ السِّتَارُ عَلَى الْمَرَاقِي
كَيْفَمَا اتَّفَقَ الْمُؤَلِّفُ وَالزَّمَانُ
وَيَرْسِمُ التَّصْفِيقُ مَسْرَحَهُ لِمَن يَخْتَارُ
يَجْتَازُ انْحِنَاءَاتِ الْبِدَايَةِ وَالْفَوَاصِل وَالرَّقِيبْ
تَتَوَثَّبُ الآمَالُ خَارِطَةَ الشُّعَاعِ
لِتَلْتَقِيكَ عَلَى مَدَارِجِ أُفْقِهَا
فَتَلُمَّ مِن فَرْطِ النَّدَى جُلْبَابَهَا
حَتَّى يُقَرِّبُكَ النَّسِيمُ مَنَازِلاً
وَرَذَاذَ أَقْبِيَةٍ وَمُقْتَبَلاً رَطِيبْ
تَتَزَرَّعُ الأَشْوَاكُ
حَتَّى تَسْتَبِيحَ ضِفَافَ ورْدِكَ
فَامْتَحِنْ إِيعَازَهَا
وَارْجِئْ نَتَائِجَهَا
عَلَى بُسْتَانِ رُؤيَتِكَ الْمُضَمَّخِ بِاخْتِلَاجَاتِ الْوَجِيبْ
هِيَ أَسْهُمٌ لَكَ فِي الْحَنَاجِرِ
لَا تُبَاعُ وَتُشْتَرَى
ضَاعَتْ وَضَاعَ عَبِيرُهَا
أَوْدِعْ رَجَائِي عِندَهَا
خُذْ بُوقَ أَرْصِدَةِ الْجَمَالِ
وَضَعْ عَلَى فَمِنَا حَسِيبْ
هَبْ أَنَّنِي مَرْقمْتُ أَنفَاسَ الْمَعَايِيرِ
احْتَقَبْتُ قِيَاسَهَا
مِنْ أَيْنَ لِي بِاللَّانِهَايَاتِ التَّطُولُكَ
وَحْدَكَ الطَّوْدُ الَّذِي أَعْيَتْ مَطَالِعَهُ الدُّرُوبْ
لَا عُذْرَ بَعْدَ الْيَوْمِ
إِنَّكَ أَنتَ مَنْ حَمَّلْتَنَا وِزْرَ الْحُرُوفِ الشَّامِخَاتِ
صَهِيلَهَا وَعَوِيلَهَا
يَا أَطْلَسَ الْمَعْنَى وَيَا كنتُورَ سَاحَتِهِ الرَّحِيبْ