قرية مهجورة ابتلعتها رمال الصحراء بلا شفقة، تبعد عن مدينة دبي بحوالي 60 كيلو متراً، ولا تزال أطلال المنازل مرئية باستثناء البعض منها بعدما غرقت بالكامل في بحر من الرمال، والتي تدفقت عبر النوافذ، وغمرت الساحات وقطع الأثاث، وذلك بحسب “سي إن إن بالعربية”.
وعلى بعد أقل من ساعة بالسيارة من مدينة دبي، عبر الحدود مباشرةً إلى الشارقة، تقع قرية “المدام” التي تخلّى عنها سكانها لتواجه مصيرها وحيدةً تحت رحمة رمال الصحراء، وتضم صفين من المنازل، بالإضافة إلى مسجد لا يزال يحتفظ بشكله.
يقول الباحثين، إن قرية “المدام” هجرها سكّانها بسبب العواصف الرملية التي كان يمكن أن تجعلها غير قابلة للسكن.
وتوجد دلائل تشير إلى أن السكان قد أخلوا القرية على عجل، مثل الأبواب المفتوحة على مصراعيها، والأمتعة الشخصية المتناثرة، مما أثارت تلك الأطلال العديد من الأساطير، والتي تفيد أن قرية المدام مسكونه بالأشباح، ما أجبر سكانها على هجرها هرباً من القوى الخارقة للطبيعة.
ويعد المسجد، الذي يقع نهاية شارع القرية الوحيد، من أفضل المباني المحفوظة بقرية المدام، ولم يتبق أحد بالقرية ليروي حكايتها، ومع ذلك، أصبحت وجهة تستقطب المغامرين الباحثين عن الإثارة والتشويق، وسرعان، ما أصبحت القرية موقعاً بارزاً للاستكشاف بين المقيمين بمدينة دبي.
من جهتها قالت المدونة البريطانية فانيسا بول، والتي وثقت أطلال القرية عام 2019، بعد أن اكتشف أصدقاء لها القرية خلال رحلتهم على الطرق الوعرة: “لم تعد قرية المدام سرية”.
السياح مرحب بهم لزيارة القرية
كما تعد القرية المفتوحة للاستكشاف بمثابة نقطة جذب لكونها تضم كنوزاً مدفونة بالرمال تدعو عشاق الإثارة والغموض على اكتشافها.
وتقول بول أن معظم الأبواب مفتوحة على مصرعيها، بينما لا تملك منازل أخرى أبواباً من الأساس، كما تضم بعض المنازل فسيفساء رائعة”، معربة عن أملها أن تحتفظ القرية بغموضها النسبي، إذ تخشى أن تفقد القرية جمالها عندما تصبح مليئة بالأشخاص.
في نفس السياق يقول متحدث باسم “سياحة الشارقة”: “لا توجد خطط لتطوير قرية المدام كمنطقة جذب سياحي في الوقت الحالي على الرغم من أن الموقع يرحب بالزوار”.
وفي الوقت الحالي، لا يزال بوسعك الصعود إلى صفوف المنازل المهجورة واكتشاف كنوزها الدفينة.
هل سكنتها الرمال أم الأرواح؟
يبدو أن العديد من المنازل قد تم الحفاظ عليها دون أن تمس منذ أن هجرها أصحابها، وفي ظل الغموض الذي يحيط بقرية المدام، لا يوجد معلومات محددة حول سبب تخلي السكان عن القرية، لذلك انتشرت شائعات واسعة النطاق حول أسباب “خارقة للطبيعة”.
ويتشارك سكان القرى المجاورة أساطير عن جن شرير، يطارد قرية المدام، وتحديداً أم الدويس، وهي روح أنثوية تتمتع بعيني القط، ويدين عبارة عن مناجل.
وفي عام 2018، أجرت مؤسسة الشارقة للفنون استشارة عامة لتتبع تاريخ القرية، وشاركت نسخاً من المقابلات التي أجرتها في المنطقة المحلية مع CNN، ومن بينها مقابلة مع رجل ادعى أنه تزوج في قرية المدام، مما يشير إلى أن القرية بنيت في منتصف السبعينيات، وفي العديد من الحالات، يُرد سبب رحيل القرويين إلى العواصف الرملية الشرسة التي جعلت القرية غير قابلة للسكن.
ويرى البعض أن سكان قرية المدام تخلوا عنها بسبب نقص البنية التحتية اللازمة مثل المياه والكهرباء، ويأتي تفسير بديل من ياسر الششتاوي، أستاذ الهندسة المعمارية بجامعة كولومبيا، الذي درس على نطاق واسع إدخال “البيت الشعبي” في دولة الإمارات العربية المتحدة منذ أواخر الستينيات، والذي يقول إن قرية المدام مثال نموذجي على البيت الشعبي، فهي مبنية على “نموذج مركب” مع مرفقات حول ساحات مفتوحة، وغرف قياسية.
ويقول الششتاوي إنه تم تجميع بعض المساكن الجديدة بشكل سريع، بحيث لم تكن البنية التحتية قائمة دائماً، مما أدى إلى تخلي البدو عنها، وتشير المقابلات التي أجرتها مؤسسة الشارقة للفنون إلى أن قرية المدام كانت تفتقر إلى الكهرباء، على الرغم من أنه لا يمكن حل لغز القرية المهجورة أبداً، إلا أن هناك العديد من المستكشفين الحريصين على التحقيق بأنفسهم.