اعتبر الرئيس الأسبق، فؤاد السنيورة، أن الحاجة أصبحت ماسة من أجل إنقاذ لبنان.
وأضاف: “لا يمكن إنقاذ لبنان إذا لم يبدأ المسؤولون بإستعادة ثقة اللبنانيين وثقة المجتمعين العربي والدولي، ليس بالكلام وليس من خلال صدقوني، بل من خلال اتخاذ قرارات محددة يجب أن يصار إلى البدء بها وفي المقدمة من خلال فخامة رئيس الجمهورية، وهو في أن يبادر إلى التوقيع على مرسوم التشكيلات القضائية للتعبير عن استقلالية القضاء، ومن خلال العمل والمساعدة على معالجة مشكلة الكهرباء التي هي قد أصبحت مسؤولة عن أكثر من 50 في المئة من الدين العام ومستمرة في تكبيد الخزينة مبالغ سنوية هائلة”.
كما أوضح السنيورة، أن زيارته إلى البطريرك الماروني الكردينال مار بشارة بطرس الراعي قام بها مع وفد من لجنة متابعة إعلان الأزهر ووثيقة الأخوة الإنسانية “كوننا مهتمين بتعزيز العلاقات الإسلامية- المسيحية، وحريصين على التأكيد على دور لبنان كرسالة للعيش المشترك في محيطه وفي العالم”.
ورداً على سؤال عن الفرق في الأرقام في مفاوضات الحكومة مع صندوق النقد الدولي، قال: “بداية، دعني أعبر هنا عن أسفي وحزني على ما آلت إليه الأوضاع العامة في لبنان من تخبط وخروج واضح عن السيطرة قبل الارتطام الكبير الذي أصبح وشيكا- ويا للأسف- وهذا ما نراه يحدث أمامنا، ولاسيما في هذه المرحلة من المفاوضات المتعثرة مع صندوق النقد الدولي، لكن قبل أن اتحدث عن هذا الأمر، دعني أقول لك ان الذي نشاهده في لبنان اليوم من انهيار اقتصادي ومالي ونقدي ومعيشي، ليس هو نتيجة عمل هذه الحكومة”.
في حين لفت السنيورة إلى حقيقة أنه وخلال السنوات العشر الماضية طرأت مستجدات اقتصادية ومالية وسياسية كثيرة على لبنان، انخفضت خلالها معدلات النمو الى ما لا يزيد عن 1 او 1,5% سنويا، وأيضا ازداد العجز في الخزينة والموازنة، كما تزايد حجم الدين العام ونسبته إلى الناتج المحلي، كذلك أيضا، انقلب الفائض الكبير في ميزان المدفوعات الى ان أصبح وعلى مدى السنوات العشر الماضية عجزا مستمرا ومتزايدا، هذه الأمور كان يفترض أن تدفع بالمسؤولين في لبنان إلى أن يبادروا الى التعامل بتبصر مع هذه المعطيات الجديدة.
وتابع، أما الذي حصل خلال الأشهر التسعة الماضية، ومنذ ان استقال الرئيس سعد الحريري، فقد سادت حالة من الارتباك والتخبط، وعدم التبصر، وقلة المبادرة، وعدم توفر الروح القيادية لدى المسؤولين، وبدلا من أن تبادر الحكومة ورئيس الجمهورية إلى المسارعة والعمل لإجراء المعالجات واجتراح الحلول، كان هناك الإنكار والتلكؤ والاستعصاء وعدم المبالاة وعدم الاكتراث. وأقول لك هنا، أن رئيس الجمهورية أضاع الخمسين يوما الأولى.
وعن أسباب الخلل المتراكم في الاقتصاد اللبنانية، قال السنيورة: “لا شك أن هناك مصالح متجذرة لدى الأحزاب الطائفية والمذهبية والميليشياوية التي تمنعهم من التجاوب وتجعلهم يستمرون بالاستعصاء عن القيام بالإصلاح. وكذلك أيضا بالإصرار على استمرار الإمساك بإدارات ومؤسسات وأجهزة ومفاصل الدولة اللبنانية للمحافظة على استمرار نفوذهم فيها، وبالتالي في ممارسة الضغط على الحكومة وعلى المسؤولين وفي مقدمهم فخامة رئيس الجمهورية مما يعني الاستمرار في الحؤول دون قيام الحكومة بولوج باب الإصلاح حتى الآن، ولذلك مازالت الحكومة مستمرة في حالة الإنكار للحال التي وصل إليها لبنان”.
وأكّد السنيورة، “ليس صندوق النقد الدولي هو الذي يضع الخطة للبنان، انما الحكومة اللبنانية هي التي تضعها بالتشاور مع جميع الإدارات والهيئات اللبنانية المختصة. والمؤسف والمخجل هنا أنه لم يكن هناك وجهة نظر واحدة في هذه الحكومة، فبدلا من أن يبادر دولة رئيس الحكومة لقيادة هذا الفريق، إذا بنا نفاجأ باستمرار حالة الإنكار الشديدة لدى الحكومة وعدم اتصالها بالواقع، وتجاهلها لما وصلت إليه حال الأوضاع العامة في لبنان”.
ولفت إلى أن “الذي يعرقل الإصلاح هو الأحزاب وحزب الله تحديدا والتيار الوطني الحر الذي ينتمي إليه فخامة الرئيس، والذي يسيطر على هذه الحكومة، ويمنع الإصلاح في أكثر من ملف، ولاسيما في ملف الكهرباء. كذلك، فإن الأحزاب التي تمالىء النظام السوري هي التي أيضا تعرقل الإصلاح وتمانع القيام به”.
ورداً على سؤال حول ماذا كان فعل لو كان الآن رئيسا للوزراء، أجاب السنيورة: “هناك انهيار كبير وكامل في الثقة ما بين اللبنانيين وما بين الحكومة والعهد ومعظم الفئات السياسية على اختلافها، وان الطريقة الأمثل للقيام بالمعالجات، هي البدء في عملية استعادة الثقة، ويكون ذلك من خلال الإثبات بالأفعال وعن طريق الاستعداد لاتخاذ القرارات الصحيحة التي تؤدي إلى استعادة ثقة اللبنانيين، بداية بدولتهم وكذلك بحكومتهم”.