وجد علماء أمريكيون فى تحليل لعينات من الحليب الخام أو غير المبستر أعداداً صغيرة من البكتيريا المفيدة جنباً إلى جنب مع البكتيريا الخطيرة المقاومة للمضادات الحيوية، والتي زادت في العدد عند تركها في درجة حرارة الغرفة، بحسب ما ذكر موقع “ميديكال نيوز توداي”.
وعادة، يقوم المصنعون ببسترة أو تسخين الحليب لقتل أي بكتيريا قبل أن يستهلكها الناس، حيث طور عالم الأحياء الدقيقة الفرنسي لويس باستور البسترة في القرن التاسع عشر ومع ذلك ، في السنوات الأخيرة، بدأ الكثير من الناس يفضلون الحليب الخام أو غير المبستر، حيث يعتقدون أن الحليب الخام يعزز القيمة الغذائية للحليب، ويفيد الهضم، ويقوي جهاز المناعة.ومع ذلك ، شكك العلماء والأطباء في مصداقية هذه الادعاءات وحذروا من المخاطر المحتملة للعدوى من شرب الحليب الخام.
كما تبدد إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) الفوائد الصحية الكاذبة لاستهلاك الحليب الخام، ووفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها ، تسبب الحليب غير المبستر في 979 حالة مرض بين عامي 2007 و 2012.
في دراسة جديدة ، قام باحثون من جامعة كاليفورنيا بتحليل المحتوى البكتيري لأكثر من 2000 عينة حليب تم شراؤها في الولايات المتحدة، بما في ذلك الحليب الخام.
ووجد الباحثون أن الحليب الخام يحتوي على أعداد أكبر من البكتيريا مقارنة بالأصناف المبسترة، كما حددوا أن بعض هذه البكتيريا تحتوي على جينات مقاومة للمضادات الحيوية.
وتشير النتائج، التي نشرت في مجلة Microbiom ، إلى أن الحليب الخام يمكن أن يؤدي إلى انتشار مقاومة المضادات الحيوية، خاصة إذا لم يتم تبريد المنتج بشكل مناسب.
تشير التقديرات إلى أن حوالي 3 ٪ من سكان الولايات المتحدة يستهلكون الحليب الخام تدعي العديد من هذه المنتجات أنها تحتوي على بكتيريا صحية جيدة للأمعاء.
لتقييم هذه الادعاءات، جمع مؤلفو الدراسة الأخيرة عينات من الحليب من خمس ولايات (كاليفورنيا ، أيداهو ، أريزونا ، ساوث كارولينا ، وماين).
تضمنت العينات مجموعة متنوعة من الحليب المبستر الذي قام المصنعون بتعقيمه بطرق مختلفة، بما في ذلك البسترة عالية الحرارة والوقت القصير، وهي الطريقة الأكثر شيوعاً، والبسترة الفائقة، والتي توفر تمديد فترة الصلاحية.
كما قاموا بجمع عينات من الحليب (الخام) غير المبستر.
قاموا بتخزين العينات في درجة حرارة الثلاجة 4 درجة مئوية ودرجة حرارة الغرفة (23 درجة مئوية) لمدة تصل إلى 24 ساعة خلال هذا الوقت، قاموا بتحليل أنواع البكتيريا التي تعيش داخل العينات.
وأظهرت النتائج أن الحليب الخام يحتوي على أكبر عدد من البكتيريا، معظمها من عائلة Pseudomonadaceae ، والتي يمكن أن تسبب المرض لدى البشر.
يدعي العديد من المؤيدين أن الحليب الخام يحتوي على مستويات عالية من بكتيريا حمض اللاكتيك “الجيدة” التي يمكن أن تحسن عملية الهضم تحتوي العديد من مكملات البروبيوتيك على بكتيريا حمض اللاكتيك، لكن هذه الدراسة حددت أن الحليب الخام يحتوي على بكتيريا “جيدة” محدودة.
وجد الباحثون أيضاً أن عينات الحليب الخام تحتوي على سلالات مقاومة للبكتيريا من المضادات الحيوية فعند تخزينها في درجة حرارة الغرفة، زادت أعداد هذه البكتيريا بشكل كبير.
تقول الدكتورة ميشيل جاي راسل، أخصائية الأحياء البحثية ومديرة مركز UC Davis Western Center for Food: “تُظهر دراستنا أنه مع أي إساءة لدرجات الحرارة في الحليب الخام، سواء كان متعمداً أم لا، يمكن أن تنمو هذه البكتيريا بجينات مقاومة للمضادات الحيوية”.
مقاومة المضادات الحيوية هي واحدة من أكبر التهديدات التي تواجه الطب الحديث وفقاً لمركز السيطرة على الأمراض، تحدث أكثر من 2.8 مليون إصابة مقاومة للمضادات الحيوية في الولايات المتحدة كل عام، مما يؤدي إلى أكثر من 35000 حالة وفاة.
إن استهلاك البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية ليس خطراً على الفرد فحسب، بل على المجتمع ككل وذلك لأن الجينات التي تمنح المقاومة يمكن أن تنتقل بين البكتيريا، مما يؤدي إلى انتشار مقاومة المضادات الحيوية.
وقال الباحثون إن الحليب الخام “عالي الخطورة حقاً” إذا لم يخزنه الناس بشكل صحيح. كما يحذرون من المستهلكين الذين يحاولون صنع منتج حليب مخمر يتضمن ترك الحليب الخام في درجة حرارة الغرفة لمدة 1-5 أيام يمكن أن يؤدي إلى تناول كميات أكبر من الجينات المقاومة لمضادات الميكروبات.
على الرغم من أن العلماء بحاجة إلى إجراء المزيد من الأبحاث لفهم المخاطر الصحية التي يشكلها الحليب الخام، إلا أن نتائج هذه الدراسة تشير إلى أنها قد لا تكون مفيدة.
وأوصى المؤلفون بأن كل من يريد الاستمرار في شرب الحليب الخام يخزنه في الثلاجة.