عصب نيوز- غانم محمد
القصة ليست جديدة، لا في أوروبا، حيث ننظر إلى هناك وكأن القانون هو سيد كل شيء، ولا حتى عندنا في المجتمعات الشرقية، وخاصة العربية، و(المؤامرة) هي أكثر كلمة فضفاضة وبإمكانها أن تغطي الفشل والعجز..
عن كرة القدم نتحدث وعن مآسيها المنتشرة غرباً وشرقاً، وصولاً إلى المتجمّدين (الشمالي والجنوبي) والحديث هنا ليس عن هواة أو أغرار، بل عن أندية عملاقة وعن لاعبين قدوة، وعن دوريات تستهلك وتنتج مليارات الدولارات، وتحظى بالمتابعة في كلّ أصقاع الدنيا..
الدوري الإسباني يختصر كل شيء تقريباً، ويكفي أن نشير إلى أن برشلونة وأنصاره يشكون التحكيم، ويرمون كل تخبطهم وتأخرهم عن الصدارة على تقنية (الفار) لدرجة أن رئيس نادي برشلونة خرج على الملأ وبكل وضوح معتبراً أن هذه التقنية موجودة لخدمة منافسه فريق ريال مدريد!
من خلال متابعتنا الدقيقة والمستمرة يمكننا إيجاز نقاط محددة تختصر هذا الجدل:
– إن من يتحكم بتقنية (الفار) هم بشرُ لهم ميول وأهواء، وربما يتعرضون لـ (الضغط) ولا نعرف على وجه الدقة إن كانوا يتلقون رشاوى!
– كما في كل القرارات التحكيمية، فإن قرار (الفار) يتحمل الوجهين: الصح والخطأ، وربما هذا ما دفع الفيفا للتفكير أولاً بتقنية جديدة لضبط حالات التسلل، وربما تتبعها تقنيات أخرى تشمل كل جزئيات المباراة.
– عندما يكون أي فريق في وضع مريح فإنه لا يشكو ولا يشير إلى الهفوات التحكيمية حتى لو كانت كثيرة وواضحة إذاً، المشكلة في الفريق – أي فريق – وما يقدّمه…
نعود إلى الحالة الإسبانية فحين كان برشلونة هو من يقود الصدارة كانت الشكوى مدريدية، وعندما تبدّلت المواقع تغيّر لون الشكوى!
فريق برشلونة لم يكن في حالة جيدة منذ استئناف الدوري الإسباني على خلفية ثلاثة أشهر من التوقف بسبب جائحة الكورونا، ودلّ على هذا الأمر أكثر من مؤشر واضح.
– لم يسبق أن صعد الحديث عن ليونيل ميسي بهذا الشكل، وكان ميسي على الدوام (خطاً أحمر) لكن أن يصل ويمتد الحديث عن نيّة ليونيل ميسي بالرحيل، وعن الجهات التي يمكن أن يسير بها، وتأتي التعليقات الكاتالونية (باردة) بعض الشيء، وكأنهم يتحدثون عن لاعب في الفريق (ب) فهذا يعني أن المشكلة أكبر من ظلم (الفار) لفريق برشلونة.
– عندما يجلس نجم بحجم أنطوان جريزمان على مقاعد البدلاء ويتعرض لـ ( الإهانة) كما وصفتها تقارير إعلامية أوروبية، وعندما تكون التبريرات (مضحكة) وتستخف بعقول المتابعين، ويعود جريزمان بكل جاهزيته وتألقه في مباراة فيها ريال وبرشلونة وتتلاشى كل الأقوال السابقة، فهذا يعني أيضاً أن المشكلة لدى برشلونة أكبر من كل تصريحات بيكيه (المتحدث الرسمي ضد الفار) وأن الوضع الإداري أو الفني في البارشا هو ما يجب التركيز عليه والعمل من أجل إصلاحه.
لا ننكر وجود أخطاء جسيمة أثرت على ترتيب صدارة الدوري الإسباني وكان أكثرها ضد مصلحة برشلونة وخاصة منذ العودة بعد كورونا، لكن من يراجع شريط الموسم بأكمله قد يكتشف (ونقول – قد – لأننا لم نراجع وندقق هذا الأمر) أن ريال مدريد تضرر أكثر من برشلونة، وهنا سيكون بإمكاننا الاتفاق بأن مزاجية (الفار) أفقدتنا الكثير من متعة الفرجة والمتابعة، وقرار الحكم في أرض الملعب على ما فيه من أخطاء، أفضل بكثير من (دحش) التقنية الواضحة بالقرارات والتحكم من خلالها بإحدى أهم البطولات الكروية في العالم (الليغا).
ريال مدريد استفاد بأكثر من مناسبة من (مِنح) تقنية الفار، وخرج من عديد المباريات الصعبة فائزاً بمساعدتها، وآخرها الفوز على أتلتيك بلباو، لكن هذا لا يعني على الإطلاق أن الريال يقدم موسماً متميزاً، ويستحق صدارة الترتيب عن جدارة واستحقاق، ويبقى ما تقدم مجردّ رأي قد لا يقنع كثيرين..