أكد عدد من علماء الصحة أن هناك أدلة متزايدة تظهر أن معظم المصابين بفيروس كورونا المستجد لا ينشرونه، وأن الوباء تفشى على نطاق واسع من قبل عدد قليل من المصابين يعرفون باسم «الناشرون الفائقون super spreaders».
وبحسب صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، فقد استند العلماء في نظريتهم إلى بعض الأحداث السابقة، فعلى سبيل المثال، تسبب حفل عيد ميلاد أقيم في 30 مايو (أيار) الماضي بتكساس، في إصابة 18 شخصاً بفيروس كورونا بعد أن تلقوا العدوى من شخص واحد كان مصاباً بها.
كما قام رجل الأعمال البريطاني ستيف والش، بنقل العدوى لعشرات الأشخاص في فبراير (شباط)، في فرنسا وبريطانيا بعد أن أصيب بها في سنغافورة.
وفي كوريا الجنوبية، نقلت امرأة ستينية العدوى لعشرات الأشخاص، خلال تجمع كنسي في فبراير.
ومن جهة أخرى، نظر علماء إيطاليون في عينات مخزنة من مياه الصرف الصحي من أجل تتبع أثر فيروس كورونا، وقد وجدوا أن الفيروس كان موجوداً بالفعل في مدن ميلانو وتورين في وقت مبكر من شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ورغم ذلك لم تبدأ المستشفيات في شمال إيطاليا بالامتلاء بضحايا كورونا إلا بعد ذلك الوقت بنحو شهرين، ما يعني أن الفيروس لم يكن منتشراً على نطاق واسع في ديسمبر، أي أن المصابين به في ذلك الوقت لم يكونوا من الناشرين الفائقين.
وقد وجد العلماء نتائج مماثلة في بلدان أخرى، حيث ثبت وجود فترة زمنية ليست بقليلة بين بدء ظهور الفيروس وتفشيه على نطاق واسع.
وفي بحث مسبق نشر الأسبوع الماضي، وجد الباحثون أن 2 في المائة فقط من الناس مسؤولون عن 20 في المائة من حالات الإصابة بكورونا.
وأشار العلماء إلى أن مصطلح «الناشرون الفائقون» لم يظهر فقط مع ظهور كورونا، بل استخدم أيضاً في مرحلة انتشار وباء «سارس» (2002 – 2003)، ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (منذ 2012)، لافتين إلى أن انتماء شخص ما لفئة «الناشرين الفائقين» ربما يعتمد على بعض العوامل البيولوجية والصحية والمناعية التي تختلف من شخص لآخر، أو على كمية الفيروس التي يتعرض لها الشخص، والتي تعرف بـ«الحِمل الفيروسي».
وقال بن ألتهاوس، الباحث الرئيسي في معهد «نمذجة الأمراض»، وهي مجموعة بحثية خاصة في بلفيو بواشنطن: «الأمر أشبه بمحاولة شخص في إشعال حريق في مكان ما، فقد يحاول الشخص رمي الشعلة أكثر من مرة دون جدوى، ولكن إذا قام سقطت الشعلة في المكان الصحيح، سترتفع النيران بسرعة فائقة».
ونتيجة لذلك، حذر العلماء من التجمعات التي تضم عدداً كبيراً من الأشخاص قائلين إن وجود ناشر فائق واحد بين أولئك الأشخاص يهدد بإصابتهم جميعاً بالفيروس، سواء كانت أعراض المرض ظاهرة على هذا الناشر أم لا، كما أن وجود أكثر من شخص حامل للفيروس بالمكان قد يزيد من «الحِمل الفيروسي» الذي يتعرض له الشخص ما قد يحوله إلى «ناشر فائق» للفيروس.
ولفت العلماء إلى أن التوصل إلى السبب المؤكد لانتماء أشخاص ما لفئة «الناشرين الفائقين» قد يساعد بشكل فعال في التصدي لوباء كورونا، عن طريق العمل على علاج هذا السبب لمنع أي تفشٍ جديد لحين التوصل إلى لقاح فعال ضد الفيروس.