سعر صرف جديد للسحوبات النقدية من الودائع بالدولار، وفق ما أفادت مصادر مصرفية وكالة فرانس برس، في خطوة تأتي بعد تسجيل سعر الصرف مستويات قياسية في السوق السوداء.
ومنذ أشهر، لا يتمكن اللبنانيون من السحب من حساباتهم بالدولار، بينما يمكنهم السحب منها بالليرة اللبنانية فقط على وقع أزمة سيولة حادة وشح الدولار.
وأكدت ثلاثة مصارف، تواصلت معها فرانس برس، تحديد سعر الصرف للسحوبات من الودائع بالدولار بـ 3850 ليرة بدلا من 3000، تطبيقا لتعميمين صادرين عن مصرف لبنان، فيما سعر الصرف الرسمي مثبت على 1507 ليرات لكافة العمليات النقدية الأخرى.
ومنذ سبتمبر، فرضت المصارف قيودا مشددة على سحب الأموال خصوصا بالدولار، ما أثار غضب المودعين الذين وجدوا أنفسهم عاجزين عن سحب أموالهم بعد تحديد سقوف تضاءلت تدريجياً.
وبعد بدء تفشي فيروس كورونا المستجد في مارس، توقفت المصارف كليا عن تزويد زبائنها بالدولار بحجة عدم توفره جراء إقفال المطار، الذي يعاود فتح أبوابه مطلع يوليو.
وفي أبريل، طلب المصرف المركزي من المصارف تسديد سحوبات الزبائن من ودائعهم بالدولار بالليرة. وحددت المصارف سعر الصرف بثلاثة آلاف ليرة.
ومع الانهيار المتسارع، أطلق المصرف المركزي منصة الكترونية بدأ العمل فيها الجمعة، في محاولة للجم سعر الصرف لدى الصرافين.
وتحدد نقابة الصرافين يوميا سعر بيع الدولار وشرائه. لكن تلك الإجراءات لم تتمكن من ضبط السوق السوداء حيث لامس سعر الصرف الاثنين الثمانية آلاف مقابل الدولار، وفق صرافين.
وقال الأستاذ الجامعي والباحث الاقتصادي جاد شعبان لفرانس برس إن اعتماد المصارف سعر صرف جديد للسحوبات هو “مجرد طريقة لتعويض ما يدينون به للناس. لكن قيمة هذه الأموال عمليا تتراجع يوميا، لذا فهم نوعا ما يخدعون الناس”.
ورأى أن المصرف المركزي “يطبع الليرة فقط لتغطية أي نقص في العملات الأجنبية وهذا ما يشكل خطأ فادحا”.
ويشهد لبنان أسوأ انهيار اقتصادي منذ عقود، تسبب بارتفاع معدّل التضخّم وجعل قرابة نصف السكّان تحت خط الفقر.
ويعقد مسؤولون لبنانيون اجتماعات منذ أسابيع مع ممثلين عن صندوق النقد الدولي، أملا بالحصول على دعم خارجي يقدر بأكثر من 20 مليار دولار لإخراج لبنان من دوامة الانهيار المتمادي، من دون إحراز أي تقدم.
وقالت مديرة صندوق النقد كريستالينا جورجيفا الجمعة إن المحادثات مستمرة، لكن “جوهر الموضوع هو ما إذا كان يمكن تحقيق إجماع (…) في البلاد من شأنه المضي قدما في رزمة اجراءات قاسية لكنها ضرورية”.
وأضافت “لا نملك سببا بعد للقول إن هناك اختراقا” تم تحقيقه.
وفي مؤشر على التخبط داخل الإدارة اللبنانية، العاجزة حتى عن الاتفاق على أرقام موحدة لحجم الخسائر المالية، أعلن مدير عام وزارة المالية آلان بيفاني الإثنين تقديم استقالته من منصبه. وقال لقناة الجديد التلفزيونية إن استقالته جاءت “اعتراضا على طريقة تعاطي الحكم مجتمعا مع الأزمة”.
وبيفاني، الذي يتولى منصبه منذ عقدين، عضو في المجلس المركزي لمصرف لبنان وفي الفريق المفاوض مع صندوق النقد.
وفي 18 ونيو، قدم عضو لجنة التفاوض مع صندوق النقد هنري شاوول استقالته كمستشار في خطوة بررها بإدراكه “ألا ارادة حقيقية للإصلاح أو لإعادة هيكلة القطاع المصرفي”، رغم التزام الحكومة بهذا البند في خطتها الإنقاذية.