انتصرت راني، ذات الثلاثة عشر عاماً، في أولى معاركها في الحياة. إذ حاول والداها إجبارها على الزواج في أشهر الصيف الفائتة، لكنها طلبت المساعدة وتمكنت من إيقاف تلك الزيجة.
كانت راني (اسم مستعار) في الصف الثامن عندما فرضت حكومة الهند الفدرالية فجأة إغلاقاً عاماً في شهر مارس، فأغلقت كل شيء بدءاً من المدارس وحتى المصالح الاقتصادية من أجل إيقاف انتشار الفيروس.
وخلال شهر، تمكن والدها الذي كان يكافح مرض السل، من إيجاد شخص مناسب بها لتتزوجه.
لم تكن راني سعيدة بذلك. “لا أعرف لم الكل في عجالة لتزويج البنات. إنهم لا يفهمون أنه من المهم الذهاب إلى المدرسة، وأن تكسبي المال وأن تصبحي مستقلة”.
ورغم أن زواج الفتيات تحت سن الثامنة عشر يعد أمراً غير قانوني في الهند، إلا أن هذا البلد هو موطن أكبر عدد من الفتيات اللاتي يُزوجن بعمر صغير، وتقدر نسبتهن بثلث العدد العالمي، وفقا لمنظمة اليونيسف.
ويعتقد أن مليون ونصف فتاة تحت سن 18 يتزوجن في الهند كل سنة – وازداد الأمر سوءاً هذه السنة.
فخط حماية الأطفال (Childline) بلّغ عن زيادة قدرها 17% في الاتصالات التي وصلت جمعيتهم والمتعلقة بالزواج المبكر في شهر يونيو ويوليو هذا العام، مقارنة بالعام الماضي.
خسر الملايين أشغالهم خلال الإغلاق العام الذي استمر منذ نهاية مارس وحتى مطلع يونيو. ومعظم من خسر عمله هم من العمال غير المحميين وغير النظاميين والذين دفعوا إلى درجة أكبر من الفقر.
ووفقا لبيانات الحكومة، رجع أكثر من 10 مليون عامل إلى بلداتهم بسبب الإغلاق العام وخسارتهم أعمالهم.
وفي المناطق النائية، يعتقد كثير من الآباء المتوترين بسبب هذه الظروف أن تزويج بناتهم هو أفضل طريقة لضمان سلامتهن.
ورغم أن البلد بدأ بالتخفيف من الإغلاق تدريجيا منذ يونيو، إلا أن ذلك لم يترافق مع إعادة الوظائف، فالاقتصاد لايزال يعاني.
كما أن المدارس لا تزال مغلقة، الأمر الذي يعني أن المراهقين لا يزالون قابعين في البيوت.
كان للمدارس دور في التغيير في الهند، خاصة في المجتمات الفقيرة مثل ولاية أوديشا الشرقية، حيث تعيش راني. ففي هذه الأماكن يمكن للفتيات اللجوء للمعلمات والأصدقاء للحصول على مساعدة عندما يواجهن ضغطاً من العائلة لتزويجهن. لكن المدارس مغلقة الآن، ما يعني أن شبكة أمان هامة قد فقدت.
تقول سميتا خانجو من منظمة أكشن أيد “في المجتمعات الفقيرة جداً، لا تشجع الفتيات بالأساس على الدراسة فما أن يغادرن المدرسة حتى يصبح صعباً إقناع العائلات بإعادتهن”.
وتعمل هذه المنظمة مع اليونيسف على مشروع خاص بزواج الصغيرات في أكثر خمس ولايات متضررة.
زُوِّجت صديقة راني بداية هذا العام، كما تقول. أما راني فتمكنت من إيقاف زواجها عندما نجحت بالاتصال بخط دعم الأطفال. وبالتعاون مع جمعيات محلية وقسم الشرطة، تم إيقاف مراسم الزفاف.
لكن مشاكل راني لم تتوقف عند ذلك الحد؛ إذ توفي والدها بعد ذلك بفترة قصيرة.
وتقول: “أريد العودة إلى المدرسة عندما يعاد افتتاحها، لكن الآن أصبح ينبغي علي العمل لأن والدي لم يعد موجوداً. أصبحت مسؤوليتي مساعدة أمي في إدارة المنزل”.
كما أصبح الوضع صعباً جداً بالنسبة الصبيان أيضاً.
فوفقا لسميتا خانجو فإن كثيراً من الصبيان دفعوا للعمل في المصانع لمساعدة عائلاتهم.
وفي الهند تعد عمالة الأطفال جريمة جنائية، ومع ذلك، ووفقا لآخر مسح أجري عام 2011، فإن 10 مليون من أصل 260 طفلا في الهند، وجدا أنه تم تشغليهم.