كيف يؤثر الجوع على مشاعرنا وأفكارنا وتصرفاتنا؟ وهل حقاً يجعلنا الجوع أنانيين؟.
في الحقيقة، يُعد الإحساس بالجوع أحد أقوى الأحاسيس التي نشعر بها، وحتى الجوع الخفيف يمكنه أن يؤثر على مشاعرنا وأفكارنا وتصرفاتنا.
حيث كشفت الدراسات أنّ الجوع لا يجعلك أنانياً في كل الأوقات، إذ ما يهم هو حالة الترابط (أي عندما يكون بإمكانك أن تعطي طعاماً وتتلقى غيره في نفس الوقت). وفي بعض الحالات التي يكون بإمكانك فيها عرض الطعام على شخص آخر (وعدم تلقي الطعام منه) يوجد تأثير بسيط للجوع وهو أنه يخفف من كمية الطعام التي تقدمها للآخرين.
وقد استخدمت هذه الدراسات تلاعبات وتوجيهات متنوعة. وكان الاختبار الأكبر حينما لم يستطع المشاركون الأكل لمدة 14 ساعة قبل بدء الدراسة. فور الوصول، تلقى نصف عدد المشاركين طعاماً ومشروباً (يحتوي 42 غرام من السكريات) في حين لم يتلق النصف الآخر شيئاً وذلك لخلق إحساس بالجوع في ظروف يمكن للباحثين التحكم بها.
حيث أثر ذلك بشكل واضح على معدلات الغلوكوز في الدم ما بين المجموعتين ولكنها لم تؤثر على التصرفات الاجتماعية.
وفي الحقيقة في ثلاث من أربع تجارب صُممت لتقييم التصرف الاجتماعي، كان المشاركون في المجموعتين متساويين في التصرف الاجتماعي الإيجابي.
وحين سُئِل المشاركين عن ما يعتقدون أنه سيحصل في تجربة كهذه، وبشكل مثير للاهتمام تنبأ العديد من الناس بأنَّ الجوع سيجعل الأشخاص أنانيين وبالغوا في تقدير تأثيراته. واقترحت الدراسة عن الجوع أنه في كل ظرف تكون فيه الموارد شحيحة يبقى الناس مركزين على الأشخاص المحيطين بهم؛ عائلتهم وأصدقائهم وربما مجتمعهم.
كما قدمت دراسة أمريكية فرضية جديدة عن تأثير الجوع على الإدراك والوعي الذاتي للفرد، وتقول بأن الأشخاص الجائعين يواجهون الحياة بنظرة أكثر سلبية.
فقد انتهت النتائج إلى أنه عندما يكون شخصٌ ما جائعاً، هناك أمران رئيسيان يحددان ما إذا كان الجوع سيُسهم في المشاعر السلبية أم لا: السياق والوعي الذاتي.
من جهتها، تقول “جينيفر ماكورماك”، الباحثة الرئيسية وطالبة الدكتوراة بقسم علم النفس والأعصاب بكلية الآداب في جامعة نورث كارولينا الأمريكية: “إنَّ تفسير هذه الاختلافات في الوعي الذاتي للأشخاص الجائعين يمثل ضرورةً لتوضيح ما إذا كانوا أكثر عرضةً للشعور بالغضب، مقارنةً بالذين يشعرون بالشبع”.
وهو ما يتفق والواقع، حيث أنّ ازدياد معدلات الجريمة يكون في المجتمعات الفقيرة التي تعاني الجوع والفقر، وهذا يُفسر بأنّ البحث عن الطعام هو حاجة أساسية تسعى الكائنات الحية كافة -وليس الإنسان فقط– لتلبيتها من أجل ضمان البقاء.
وفي دراسة أخرى، وجد الباحثون ازدياداً في مشاعر التوتر والكراهية بين الأشخاص الجائعين، كما أنهم لم يركزوا بشكل واضح على فهم عواطفهم الخاصة، ولم يبلغوا عن هذه التحولات في مشاعرهم أو مفاهيمهم الاجتماعية خلال التجربة، وهو ما يعني أن حالة أجسامنا تؤدي دوراً كبيراً في كيفية تعاملنا مع التجارب اليومية.